يرن جرس المنبه ليطرد جحافل النوم بعيداً عن جفنيك المثقلين به وفي الأفق أصوات الأذان المتمازجة تشق عباب الفجر تنادي المصلين الذين هم على صلاتهم يحافظون. بينما تمد يدك من تحت اللحاف الدافئ لتطفئ المنبه وتنقلب على الجهة الأخرى لتلحق ببقايا النوم المعلقة في جفنيك. وتفوتك ركعتا الفجر وهما خير من الدنيا وما فيها كما وصفهما سيد الخلق عليه الصلاة والسلام. فكيف تسمح لذلك أن يحدث وأنت مسلم؟! فهل أنت منافق؟! نعم.. منافق لأنك تستثقل صلاة الفجر وتهرب منها تحت اللحاف الوثير غير آبه بالأذان والمصلين في بيتك. فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا.. إذا صلاة الفجر لا تثقل إلا على المنافق، فماذا عليك أن تفعل لتتطهر من هذه الصفة التي تمنعك من دخول الجنة؟! اعلم أن تأدية صلاة الفجر توفيق من الله عز وجل, فإن لم تكن مخلصا لله عز وجل محبا له فلن تقوم لأدائها ولو حرصت, بل ستبقى مسمراً في سريرك مستيقظا تتأمل السقف غير قادر على النهوض. فعليك إذا أن تضبط منبهك الداخلي بصلاح النية والإقبال على الله وطاعته قبل ضبط المنبه الخارجي، حينها ستجد عينيك قد فتحت مواكبة الأذان دونما الحاجة لإزعاج الجرس، بل ستجد في نفسك نشاطا جسديا وإقبالا نفسيا عجيبا يجعل الفجر أجمل أوقاتك اليومية. فإذا انتهيت من صلاتك وجلست في مصلاك تذكر الله عز وجل وتسبحه وتحمده وتمجده شهدت عظمة انبلاج النور وتنفست نسائم الجنة وسمعت تسبيح الطيور في موعد الذكر بالضبط, الذي لا تخلفه أبداً, سبحان الخالق جل وعلا، أليس هذا الجمال الروحاني جديرا بالحضور والحرص عليه. إن البركة في البكور, فلتبدأ يومك بصلاة الفجر ثم قرآن الفجر الذي تشهده الملائكة ثم أذكار الصباح والدعاء المستجاب بإذنه تعالى. إنها ساعة توزيع الأرزاق فاسأل الله ما شئت ثم اختم هذه الساعة الروحانية بركعتي الشروق.. تأمل فقط كيف يمكن أن يكون حال يوم هذه بدايته وانطلاقته؟ إن التوفيق لهذه الفترة المقدسة يتطلب تنقية القلب من النفاق وتنقية النفس من السوء وإشغال العقل بالتفكير بما عند الله لأنه خير وأبقى.. فاحرص على ذلك لتعش سعيداً وتمت سعيداً لأنك ستدخل الجنة, فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ». إضاءة اختلف المسلمون هذا العام في دخول السنة الهجرية مما ترتب عليه الاختلاف في تحديد يوم عاشوراء لصيامه تكفيرا لسنة مضت كما وعدنا رسولنا الأمين. فصوموا قبله وبعده تحسبا للخطأ ولا تدعوا الغفران يفوتكم.. فما أحوجنا إلى رحمة الله.