في المناسبات الاجتماعية التي يجتمع فيها الناس كالأعياد والأعراس والعزاء، بل حتى الولائم البسيطة يتجلى أمامك البشر وتستطيع فرزهم من خلال ردود أفعالهم ما بين كريم يملكك بتصرفه، ولئيم يصر على تنفير الناس منه. وعادة ما يكون هذا اللئيم منتفش الصدر يفيض كبراً وتيهاً متناسياً وعيد الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي حرّم الجنة على من كان في نفسه ذرة من كبر، فكيف بمن تجلى الكبر في صورته والعياذ بالله. يدخل مجالس الناس منتظراً أن يهب الجميع للسلام عليه، بينما يجلس هو إذا دخل الناس متوقعاً أن يأتوا إليه للسلام عليه. هذا النوع من البشر يهوى الاستعراض، فتجده يتحدث عن أمجاد وهمية وإنجازات خرافية، ولا يعلم أن كرام الناس يعلمون كذبه ويكشفون أوهامه لكنهم يترفعون عنه. والترفع هنا ليس جبناً ولا خوفاً وإنما حفظ النفس عما يسيء إليها من قول أو عمل. اللئيم تجده يتعمد الإساءة إلى الناس على أهون سبب، لشعوره بالنقص والدونية، ويمعن في الإساءة لمن أكرمه ودعمه وساعده، لأن وجود هؤلاء حوله يذكره بما كان عليه قبل إحسانهم إليه. وكما قال أبو الطيب المتبني: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا وها هي الأيام ترينا مشاهد مؤذية للئام حينما يتمردون على من أكرمهم وأحسن إليهم فيتعمدون أذاهم وإحراجهم كلما سنحت لهم الفرصة. ومن أجل هذا كان العافون عن الناس من المبشرين بالجنة من غير حساب ولا سابقة عذاب. لأنهم يتحملون في الدنيا أمثال هؤلاء الذين نسأل الله لهم الهداية قبل الموت حينها لن ينفعهم مال ولا بنون. وحده القلب السليم الذي يتقبله الله عز وجل وما أبعد قلوب اللئام عن السلامة. إضاءة لا يضر السحاب نبح الكلاب (أعزكم الله) قرائي الكرام.