هل من وظيفة؟

Loading

تحدثني بصوت حزين قائلة: خير قطر لغير أهلها وهي تعلم أن هذا التعبير يضايقني رغم واقعيته. ولست ألومها في ذلك فإن كنت قد اخترت التقاعد بعد مسيرة تربوية أفخر بها فقد أجبرت هي على التقاعد كآلاف غيرها اضطروا إلى دفع ثمن سوء التخطيط في هذه الوزارة أو تلك الهيئة. وعجزت الدولة أن تجد لهم مخرجاً فحولتهم إلى التقاعد ظناً من المسؤولين أن المسألة مسألة راتب فقط دون أن يلتفتوا إلى القسرية التي اتسم بها الأمر مما ولد مشاعر عميقة من الألم وخيبة الأمل في نفوس مواطنين لم يقصروا في أداء مهامهم، ولكن قصّر مسؤولوهم في القيام بمهام المسؤولية كالتخطيط والإحلال وغيرها. تقول لي طفت البلاد عامين كاملين بحثاً عن وظيفة فلم أجد رغم سيرتي الذهبية مما اضطرني للتقاعد وأنا أشعر بالقهر لأنني قادرة على العطاء وأرغب في المضي قدماً لا الجلوس حبيسة البيت وأنا في قمة العطاء، الأمر الذي سيؤثر حتماً على صحتي ونفسيتي!! وكما توقعت عدت للبحث عن عمل بعد أشهر قليلة رغم الراحة الجسدية التي شعرت بها والتحرر من قيود الوظيفة، إلا أن شخصيتي لم تتقبل هذا الوضع. إلا أنه في الوقت الذي «تستورد» بلدي أجانب عفا عليهم الزمن وترصد لهم الرواتب الخيالية والعلاوات الكبيرة من أجل خبراتهم المزعومة «ولو فيهم خير ماهدتهم بلادهم» عجزت أنا المواطنة المؤهلة والمدربة أن أحصل على وظيفة رغم تنازلاتي! وأردفت بتعبير آخر يشعرني بغصة كلما سمعته قائلة: بلدنا بلد واسطات «وهي صادقة في ذلك» ففلانة عينها قريبها النافذ بمؤسسة لامعة وفي وظيفة مناسبة لمؤهلاتها! رغم تشابه الأحوال «اللهم لا حسد». وتساءلت بمرارة: وماذا يفعل من ليس لديه واسطة؟ أجبتها بيقين: يتوكل على الله ويسأله العون. فردت بذات الصوت الحزين: ونعم بالله. سؤال مباشر وواضح لمن يهمه الأمر: هل من وظيفة لهذه المواطنة وغيرها ممن عوقبوا دون ذنب، وحوّلوا إلى التقاعد قسراً رغم إنهم في قمة القدرة على العطاء؟؟ في انتظار إجابات شافية لا وعود مائعة.