اعلم

Loading

اعلم أنك مقبل على أفضل ليالي الدهر، العشر الأواخر في شهر رمضان الكريم، فشدّ مئزرك وشمّر عن ساعد وأيقظ أهلك لتقوموا بحق هذه الليالي المباركة، لا تدخر فرضا أو سنة أو نفلا، املأ وقتك بالطاعات تحل عليك البركات وتعتق من النار. وأن رمضان قد غادرنا أغلبه فتأمل عملك في تلك الأيام المنصرمة هل أنت راض عما قدمت؟ واعلم أيضا أن المتبقي منه أكثر كرما وحسنات لأن فيه الليالي العشر المباركات فاغتنم هذه الفرصة الذهبية وعوض ما فاتك فكلنا مقصرون وإن حرصنا لسبب بسيط جدا هو أن أي شيء نقدمه ضئيل أمام عظمة المعبود فاعملوا بارك الله في عملكم وسدد على طريق الخير خطاكم. واعلم أن الذكر هو أسمى العبادات وأحب الأعمال عند الله عز وجل وقد امتدح الله سبحانه وتعالى الذاكرين والذاكرات في كتابه المجيد في مواقع كثيرة كما أن المفسرين ذهبوا إلى أن «الباقيات الصالحات» التي هي خير من المال والبلد إنما ذكر الله. وأن كل أمر ابن أدم خير فإذا أصابته مصيبة صبر وإذا أصابته نعمة شكر. والصابرون الشاكرون في النعيم بإذنه تعالى فاحمدوا ربكم واشكروه على نعمه واصبروا واحتسبوا عند الشدائد والمحن فإن الله لا يضيع أجر العاملين. نسأل الله عز وجل أن يربط على قلوب أمهات المسلمين المضطهدين في كل بقاع الأرض. واعلم أن المسلم في فسحة من دينه ما لم يصب دما بمعنى أن كل الخطايا والذنوب والمعاصي في كفة وقتل النفس التي حرّم الله في كفة ثانية فإذا ما أصاب المسلم دم أخيه المسلم خلّد في النار وحلّ عليه غضب الله عزّ وجل فمن منّا يحتمل ذلك؟ لذا فليراجع كل مسلم ضميره ويسأل نفسه: ما سر غضبه وليعالجه بدلا من تركه يستفحل فيوصله إلى ما لا تحمد عقباه. وأن الأخوة في الدين أقوى الروابط على وجه الأرض لو قمت بواجباتها على الوجه الأكمل وما أحوجنا لمراجعة تلك الرابطة المقدسة وتجديدها حفاظا على وشائج مجتمعنا صغيرة وكبيرة! وأن اللعن والشتم والفحش ليس من أخلاق المسلمين الحقيقيين بل قد يخرجهم من الملّة السمحاء. واعلم أيضا بأن حسن الخلق يرفع مرتبتك في الجنة إلى مصاف الأنبياء فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ليسَ المؤمِنُ بِطَعَّان ولا لعَّان ولا فاحِش ولا بَذيء». واعلم أن التوبة بوابة مفتوحة ما لم تبلغ الروح الحلقوم لذلك لم تقبل توبة فرعون وهو يصارع الموت غرقا. واعلم أيضاً أن الله يقبل التوبة مهما كانت الذنوب كبيرة والخطايا كثيرة فعفوه سبحانه جل وعلا أكبر وغفرانه أكثر. لا تبخل على نفسك بتوبة نصوحة تستعيد بها مكانتك المشرقة كمسلم صح إسلامه ومؤمن صلح إيمانه. وأنه بالحمد والشكر تدوم النعم فذلك عهد على الله: لئن شكرتم لأزيدنكم. واعلموا أيضا أنه بالحمد والثناء على الله عز وجل تمتلكون عقارات في الجنّة. فاعملوا شكرا هدانا الله وإياكم وتقبل منا القول والعمل الصالح. وأن الاستغفار علاج سحري صالح لعلاج كل الذنوب والخطايا كما أنه سبب في استمطار الرحمات وأنواع الخيرات واستجابة الدعوات ويمكنك استخدامه في أي وقت فلا انتهاء لصلاحيته.