نحن شعب ذو خصوصية.. لطالما امتاز عن غيره بالطيبة والمسالمة، جبلنا على حب قادتنا ودعمهم المطلق فيما يقررونه ويفعلونه.. والله عزّ وجل أعطانا (على قد نيتنا).. عائلة حاكمة كريمة تعلي مصلحتنا وتهدف لخيرنا ورفاهتنا.. اللهم أدمها نعمة واحفظها من الزوال. في قطر نعيش تحولاً تلو الآخر، وفي كل واحد منها نقلب الموازين والمعادلات بفضل قيادتنا الحكيمة التي امتازت بالرؤية الثاقبة والقدرة النافذة على قراءة متطلبات العصر وسرعة الاستجابة لها.. ويأتي تنازل صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن السلطة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى الذي أهّل لذلك منذ عقد مضى على قمة تلك التحولات.. خطوة متفردة وسابقة للعصر والأوان كسائر إنجازاته ومواقفه البطولية التي جسدت طيبة القطري وشهامته ونصرته للضعيف و(المضيوم)، إنها ولا شك خطوة عملاقة لا يقدم عليها إلا عملاق في دينه وخلقه وفكره كصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.. فالسلطة شهوة ولا يترفع عنها إلا من كانت الآخرة نصب عينيه.. فالدنيا تتضاءل أمام عيش الآخرة.. أسأل الله -عزّ وجل- أن يكون له أعظم وأوفر نصيب من الجنان الوارفة تحت عرش مليك مقتدر.. نعم فما قدّمه صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لا نرى له جزاء وفاقاً إلا الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب.. كيف لا يكون وقد أورف العطاء وأجزل الأمن ورفع القدر وأعلا المكانة؟ 18 عاماً من العمل الدؤوب المضني من أجل قطر والقطريين.. قاد سفينتنا بحنكة وحكمة حتى صار علماً على رأسه سنا المجد والكرم.. بسط يديه بالعطاء فكان كالسحاب المثقل بالخير يمطر خيراً أينما حلّ.. لا فرق عنده في ذلك بين المعتقدات والانتماءات والولاءات. لم يتوان أو يتخاذل -كما فعل غيره- عن نصرة الشعوب التي جأرت بصوتها طلباً منه النجدة والإغاثة.. أعلن مواقفه بجرأة ولم يخشَ في الحق لومة لائم.. فكان صوتاً للحق في كل محفل.. لن يقوى التاريخ على طي سجل إنجازاته ومواقفه، فهو ليس كسائر الأمراء والقادة إنما فاقهم عطاء وطيبة. فاقهم تقدميّة وحكمة.. تميّز عنهم برؤيته الثاقبة التي بنى عليها وعوداً وعهوداً فأنجزها بكل اقتدار.. كان كالسحاب يرتقي سموات العلا لا يضره في ذلك نباح الحاقدين… الموتورين.. كان (الصح) في زمن الأخطاء والقصور، لذا سيبقى ميزاناً حساساً لمن يأتي بعده في كل أرض وبلد. فماذا نقول في وداع -قائد- مثله؟ نحبك!! أي حب قادر على احتواء قامة محبة ومودة مثله؟ نجلّك!! أي إجلال وتقدير قادر على مكافأته؟ نفديك!! أي فداء قادر على مضاهاة فداه لقطر وشعبها؟ ماذا نقول وقد أذن الله بالتغيير واختار لك الراحة بعد التعب .. وجعلك بين العالمين آية لكل مكرمة وخلق حسن وشمم. ماذا نقول وقد استهلكنا كل عبارات المحبة والتقدير خلال أيام مضت كنّا نرجو فيها -أن تبقى- حاكماً، ولسان حالنا (الشعب يريد بقاء الأمير) على خلاف نداءات الشعوب التي تطالب بإسقاط حكامها؟ ماذا نفعل ليصلك منا خير جزيل كالذي أسبغته -بعد الله عزّ وجل- علينا؟ ليس أمامنا إلا معاهدتك على العمل المخلص من أجل قطر كما علمتنا.. وكما كنت دائماً قدوة لنا.. لذا نعاهدك -يا صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني- أن تبقى رمزاً خالداً في ضمير أمتنا.. وموجهها نحو الخير والعدل والسلام.. نعاهدك أن نكون خير سند لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، ونكمل معه مسيرة الإنجازات التي وضعت قطر على طريقها.. ولن نعود عن ذلك بإذن الله.. سائلين الله عزّ وجل لك: أن يكرمك كما أكرمت علماء دينه وأكثر.. وأن يسبغ عليك المنّ والعطاء كما أعطيت شعبك وأكثر.. وأن يظلك بعفوه وغفرانه كما ظللت ضعفاء خلقه وأكثر.. وأن يجيرك من غوائل الدنيا والآخرة كما أجرت المستجيرين وأكثر.. وأن ينعم عليك بصحة وعافية تدوم مدى العمر كما وفرت العلاج لنا وأكثر.. وأن يجعل خير أيامك يوم تلقاه محفوفاً بحب ورضا شعبك الذي يشهد لك في الأرض على أنك أفضل قائد وأعظم إنسان وشّح بوشاح السلطة المطلقة.. و…عاش التميمي حمد….. إضاءة… كان خطاب صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني -حفظه الله- وأطال في عمره في صحة وعافية نبراساً للأجيال القادمة.. ووصايا خالدة علينا الأخذ بها والعمل عليها تقديراً وعرفاناً له.. وتعبيراً خالصاً عن محبته التي رسخت في الضمير والتصقت بالخيال.