قالت الصحف

Loading

 لا شك أن الصحف تلعب دوراً مهماً في حياتنا وتمثل لنا جزءاً لا يتجزأ من منمنمات الصباح حيث يكتمل المشهد الصباحي بمطالعة أخبارها وتقاريرها المعجونة بعبق القهوة.. فقبل استهلال أي عمل تأتي مطالعة الصحف أولاً، وكل منّا يدفعه دافع يختلف عن الآخرين. ولا شك أيضاً أن الصحف تعيش صراع البقاء مع وسائل النشر الإلكتروني التي بدأت تحتل رقعة أوسع من مساحة المطالعة، وشيئاً فشيئاً سيبدو قارئ الصحف الورقيّة موضة قديمة. تعيش الصحف رمق العيش فتطرح الحملات الضخمة للاشتراك لفترات طويلة نوعاً ما، لعل وعسى أن تحتفظ الجوائز المغرية بالقراء أمداً أطول.. وتضخ الجهات المعلنة أموالاً أكثر. أطالع الصحف الأربع يومياً، وعلى مدار ساعات اليوم فلا أقتصر على الصباح، وأجد في ذلك متعة صغيرة أفتقدها لو غفلت عن ذلك يوماً.. ربما هي العادة رحم الله من أورثني إياها رحمة واسعة. وعلى مر الزمان ألحظ فيها تطوراً لافتاً أجمل ما فيه أن كل صحيفة اكتسبت شخصيتها الخاصة التي تميّزها عن غيرها، مما دفع جمهور القراء للانقسام كل بحسب ما يبحث عنه من مصداقية إلى إثارة إلى محلية أو عالمية. فهناك قارئ مسكين يتابع السياسة ولا يدري أنه يكدر صفو حياته بكذب السياسة وخبث السياسيين، وآخر يتابع الاقتصاد فتغدو حياته كمؤشر البورصة ترتفع حيناً وتهبط أحياناً بحسب الأخبار الاقتصادية! أما أكبر مسكين فهو متابع الأخبار الرياضية المضطر لمعايشة خيبات العنابي الدائمة عاماً بعد عام، على أمل أن يحرك المسؤولون ساكناً! وبين هؤلاء من يبحث في الثقافة والتعليم والدين، بل حتى هناك من يعشق الجريمة ويتابع قصصها المسليّة مع تحفظي على نشر تلك القصص خشية استمرائها واعتيادها فتتبلد المشاعر وتزداد الجرائم! إلا أن ذلك لم يمنع الصفة السائدة عنها وهي أن كثيراً من الأخبار وأحياناً التحقيقات والحوارات متشابهة، وكأنك تقرأ نسخاً متشابهة ولو اصطبغت المادة بشخصية هذه الصحيفة أو غيرها.. وفي رأيي أن ذلك يعود للمصادر الموحدة وصغر المجتمع المحلي وتشابه ظروفه الحياتية!! إلا أن هذا الأمر يعتبر مشكلاً عويصاً يبحث عن حل ليبقى القارئ وفيّاً لصحيفته متابعاً لها حريصاً على شراء نسخته يومياً.. وأعتقد مما أرى أن هناك محاولات متنوعة للتفرد والتميّز تستحق الدعم والتصفيق لها إلا أنها غير كافية، واقترح إفراد مساحة للتقارير الحيّة من مواقع الحدث الساخنة باعتماد مراسلين أكفاء ومتمرسين داخل البلاد وخارجها والابتعاد قدر الإمكان عن النقل من مواقع الإنترنت المعروفة حتى لا تبدو الأخبار «بايتة» لا جديد فيها.

إضاءة.. يختلف قراء الصحف فيما يبحثون عنه ولكن يبقى الشأن المحلي سيد الاهتمامات… فجميع القرّاء ينتظرون ماذا قالت الصحف..؟