عين العقل يا جامعتي

Loading

 زينت جامعة قطر شوارعنا بصور خريجيها -منذ عقود مضت- والذين تبوؤوا مناصب متميّزة كدليل على تميّز جامعتنا العتيدة التي خرجت دفعات جاوزت الثلاثين.. والأهم من ذلك أنها الجامعة الوطنيّة -الوحيدة- في قطر وما زالت، رغم ضم قطر أفرعاً لصفوة الجامعات الأميركية تحت مظلة المدينة الجامعيّة، والتي رفعت مستوى المنافسة على التميز، فكان الضحية أولادنا وبناتنا، لأن الجامعة الوطنية الوحيدة وضعت معايير عالية للالتحاق بها لتواكب تلك الجامعات العريقة! ومن نجا من أولادنا والتحق بركبها حاصرته بسياسات قمعية –دون أدنى مبالغة- وصلت إلى حد الفصل وطي القيد، مما نتج عنه جيل محبط من الطلاب والطالبات، نصف الجامعيين إذا صحّ التعبير! ولطالما كانت هذه السياسات والإجراءات محل انتقاد المجتمع الذي تجرع خيبة أمل كبيرة نتيجة لإصرار الجامعة على المضي قدماً في تطبيقها! إلا أنه -ولله الحمد والمنّة- علمنا أن الجامعة قررت ما يجب عليها فعله كمؤسسة وطنية لا مستوردة من خلال بيان نشرته، أعلنت فيه أنها انتهت من مراجعة تلك السياسات البغيضة المتعلقة بالإنذار الأكاديمي وطي القيد من الجامعة، لتعطي الطلاب والطالبات المزيد من الفرص لاستكمال تعليمهم الجامعي مع المحافظة على معايير أكاديمية (مناسبة).. وهذا هو عين العقل يا جامعتنا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن خريجي وخريجات الثانوية العامة خاضوا مرحلة صعبة نتيجة لتخبطات المجلس الأعلى للتعليم ومزاجية هيئاته.. لذلك كان يجب النزول بمعايير القبول والالتحاق من عالية إلى مناسبة بناء على التغييرات التي طرأت على مدخلات العملية التعليمية. الغريب في الأمر أن الجامعة تطلب ممن حطمتهم بطي قيدهم الجامعي سابقاً -فالتحقوا بفرص عمل وفرت لهم التقدير والرضا الكافي للاستمرار- العودة للالتحاق بها مجدداً!! عموماً هي فرصة لمن لم يحالفه الحظ ممن وجدوا أنفسهم في وسط الطريق بلا مرشد يدلهم على استكمال حياتهم فعانوا الأمرّين وما زالوا!! ونشكر الجامعة أنها أعادت النظر في الأمر تحقيقاً لمستقبل أفضل وتميّز على مستوى إنساني أكبر.. وفي رأيي الخاص أنه استكمالاً لهذه المراجعة ينبغي على الجامعة إعادة النظر في عقبة الاختبارات الدولية كالسات والتوفل وغيرها، ولتكن واقعية في ذلك.. لأنه وبناء على دراسة الواقع لا يمكن لجميع الطلاب والطالبات اجتياز مثل هذه الامتحانات من المرة الأولى بناء على نوعية التعليم الذي اكتسبوه في مدارسهم، فعليه (يجب أن تجعل تلك الاختبارات شرط تخرج لا شرط قبول).. إننا نأمل أن تفتح جامعتنا آفاقاً جديدة أمام كثير من الطلاب والطالبات ما زالوا يتعثرون في الاختبارات الدولية ويبذلون المال والجهد والوقت من أجل الحصول على معدل يؤهلهم لدخول الجامعة الوطنية الوحيدة! فهل تفعل؟؟ نحن في انتظار خطوة شجاعة أخرى تثبت الجامعة من خلالها أنها على تواصل وثيق مع المجتمع الذي يحتضنها، فتستجيب لاحتياجاته لتفخر بخريجين جدد لا خريجي العقود المنصرمة فقط.. إن التعليم الجامعي حلم كثيرين لم تسعفهم الظروف للحصول على معدل مناسب فاضطروا لمعاناة الاختبارات الدولية مرة تلو أخرى من أجل العبور إلى ذلك الحلم… فهل تمد الجامعة يدها إليهم وتضمهم إلى طلابها لتترجم بذلك رغبتها في إعطاء فرص أكبر لمزيد من الطلبة لتحقيق النجاح؟!! نرجو ذلك إضاءة.. التميّز الحقيقي يكمن في استمرار النجاح وتحقيق المنجزات لا التغني بالماضي.. والأهم من ذلك أن تكون جزءاً متميزاً في مجتمع متميز ينهض ويتألق تحت شمس العلم والمعرفة.