النية المغيبة

Loading

في المرحلة الابتدائية كان مقرراً علينا حفظ حديث نبوي كريم اكتشفت أهميته على مر الزمان، فأحببت أن أشارككم فيه، ينص الحديث الذي رواه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال «إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل امرئ ما نوى». وهو حديث طويل، ولكن هذا المقطع الذي حفظناه، كما طلب منّا وامتحنا فيه، كما اعتدنا وانتقلنا عنه إلى عام جديد تاركين خلفنا أهم ما ينبغي أن يتعلمه الإنسان كسلوك لحظي واجب ومقترن بكل تصرف يصدر عنه، لأنه كما يؤكد -إنما الأعمال بالنيات- فإذا غابت غاب معها ثواب العمل، فالأمور بمقاصدها. ويصف الإمام الشافعي هذا الحديث بأنه ثلث الدين، ولم لا يكون وقد قام على أهمية الإخلاص في العمل. والنيّة عمل قلبي بحت ليبق بينك وبين رب القلوب، والأفضل أن تبقى حديثاً قلبياً حتى لا يخالطه رياء ولا سمعة، ليرفع خالصاً لله -عز وجل- فيتقبله منك القبول الحسن. فكل عمل تقوم به أيها الإنسان منوط بنيتك ومثاب عليها، لذلك يقول النص الشريف: «إنما لكل امرئ ما نوى».. فانتبه لنيتك فعليها يتوقف حصادك في الدنيا والآخرة. استحضر نيتك قلبياً قبل أن ينطقها لسانك، لأن الله -عزّ وجل- لا ينظر لصورتك ولا لمالك ولكنه -سبحانه وتعالى- ينظر لقلبك موطن نيتك، ثم ضع جدول أعمالك المتسق معها، واحرص على أن يكون الإخلاص عنوانه ليتحقق لك الأجر والثواب.. فكل عمل لا يراد به وجه الله لا ثمرة له في الدنيا والآخرة. فإن خالط الرياء العمل بطل وحبط، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- «يقول الله تبارك وتعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه». لذلك -عزيزي القارئ- اعمل على استحضار نيتك المغيّبة، وتعلّم معي من جديد ضرورة اقتران الأعمال بالنيات فعلاً لا قولاً.. ونق نيتك لتثاب عليها. فجزى الله معلمتي كل خير حينما لقنتنا الحديث وعاقبت بعضنا لأنه لم يحفظه، ولكنها غفلت عما هو أعظم وأهم، وهو إكسابنا الحديث كسلوك نتعوده فنكبر عليه. هكذا ينبغي أن نتعلم ديننا.. ولهذا سميت المادة: التربية الإسلامية، فهي تربينا وتقوّمنا وتعلّمنا الحياة على أصول إسلامية حنيفة. إضاءة.. الإسلام منهج حياة، لذا أرجو من معلمات التربية الإسلامية العمل على إكساب أولادنا هذا المنهج ليشبوا عليه ولا يفارقوه.. ولا يتعاملوا معه كمادة اختبار ينساها الطلاب بمجرد انتقالهم لمرحلة أعلى. تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال والأقوال.