في الجو.. غيم

Loading

عبارة جميلة للشاعر الجميل المغفور له -إن شاء الله- فايق عبدالجليل الذي شكّل مع الفنان محمد عبدو أغنية لا تنسى.. نذكرها كلما رأينا الغيم يتلبد مستحضراً انهمار المطر في أروع صورة طبيعية يشهدها الإنسان، سواء في البادية أو المدينة أو حتى الريف الفرنسي!! نعيش هذا الأسبوع طقساً مغايراً لما اعتدناه في مثل هذه الفترة من العام.. وهو بلا شك جو جميل.. فليس أجمل في رأيي من المطر كنعمة ربانية وظاهرة طبيعية تفيض بالعطاء.. وأجمل فترات المطر هي الصباح الباكر وأنت تقود سيارتك ذاهباً للعمل يملؤك الأمل بيوم جميل. المطر دعوة للتأمل في خلق الله عزّ وجل.. في أحوال الناس.. في تأثيره الساحر في البشر والشجر، في الحيوان، بل وحتى في الجماد.. فسبحان الذي جعل من الماء كل شيء حي. في الفرح الذي يتدفق استجابة لتدفق قطرات المطر سريعاً نحو الأرض.. في استبشار الناس بالنعم.. في تبلور الألوان الحقيقية للطبيعة وتألقها.. لافتقاد سلاطة الشمس وقسوتها. في لعب الأطفال ولهوهم.. بالأهازيج التي تتدحرج من جبال الذكريات في قلوب الآباء والأجداد. في دعوات الجميع بأن يبقى المطر ضيفاً عزيزاً بيننا، وأن يكون صيباً نافعاً يسقي البلاد والعباد.. المطر كذلك دعوة للتفكير والتدبير نتعلّم منه الكثير. فالمطر يعلّمنا العطاء دون انتظار الأخذ.. يعلّمنا أن أجمل الأشياء قد تأتي من رحم الخوف والقلق، كما يأتي المطر من سماء ملبدة بالريح والبرق والرعد.. يعلّمنا الصبر والإلحاح في الدعاء.. يعلّمنا الفرح العميق والسعادة المدهشة. المطر يستدعي ذكريات الإنسان، بل قل أثمن كنوزه للاحتفال بقدومه.. فتنهمر صور الطفولة وكذلك صور الأحباب الذين أخذتهم الحياة في متاهاتها.. تتنزل علينا تلك الصور لتسقي عطش الفقد والصبر على الحرمان منهم. هذا هو المطر جمال رباني منهمر لا يكدر صفوه إلا شباب طائش لا يقدر قيمة الناس والممتلكات!! ولا يعكر فرحته إلا عيوب تتكشف في الطرق والمباني!! ولا يضيق صدر متأمليه في جلال ودعاء إلا صوت الأغنيات المزعجة في الصباح الباكر التي تشعرك بمرور فرقة راقصة بقربك لشدة صوت سمّاعات السيارة! فكما قال الشاعر الجميل فايق عبدالجليل: في الجو غيم.. أي في الجو ما يكدر صفوه ويعكر جماله.. إضاءة.. إن الحضارات الإنسانية، وفي مقدمتها الدين الإسلامي، تدعو لاحترام الطريق، لأنه حق مشترك بين الجميع.. فالسرعة والتجاوز والأصوات المرتفعة كالصراخ والأغنيات اعتداء صارخ على هذا الحق.. فهل احترمتموه؟.