شتان ما بين سلمان و فيحان

Loading

  د. سلمان العودة مفكر له بيان ومنطق وحجة تساندها دراسة وتخصص فتح أمامه آفاقاً واسعة، جعلت الناس تلتف من حوله باختلاف أعمارهم ومذاهبهم ومشاربهم وثقافاتهم.. فشاهدوا حلقاته، وتابعوا «تويتاته»، وتلقفوا محاضراته، واستلطفوا نوادره وفكاهاته.. كان الشيخ سلمان -وما زال- حجر الزاوية في حياة الكثيرين ممن اهتدوا إلى الوسطيّة والاعتدال على يديه، فعرفوا أن الأسلام دين يسر لا عسر، دين تبشير لا تنفير.. فهم لغة العصر فتحدث بها، وأدرك أسرار العلاقات العامة والتسويق فأبدعها، حتى أصبح رقماً صعباً في مجال الدعوة لا يشبهه أحد إلا نفسه.. نشر الشيخ الكريم منذ أيام قليلة صورة له في «أنستغرام» وهو يخفض جناحي الحنان والرحمة فيضع رأسه في حضن طفلته ذات السنوات الخمس -زادت أو نقصت- وهي تمشط شعره وتزينه بإكسسواراتها الملوّنة.. صورة تفيض أبوة ورحمة لداعية إسلامي يحمل همّ الدعوة إلى الله بالموعظة الحسنة.. وأي همّ هو في هذا الزمان العجيب!! صورة الشيخ سلمان جاءت في توقيت مناسب يناقض الصورة السلبية التي تناولتها وسائل الأعلام العربية والأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً لداعية ليس له في الدعوة إلا اسمها!! صورة فيحان الغامدي الذي يصف نفسه بالداعية، وهو قاتل يحاكم بتهمة تعذيب وقتل طفلته ذات الخمسة أعوام!! وقد أقرّ باستخدام العصا والسلك في تعذيبها لشكه في سلوكها! ليحكم عليه بتسليم الديّة لأم الطفلة المغدورة، والاكتفاء بفترة سجنه السابقة، وهو حكم لا يشفي الغليل، ولا يرقى لمعاناة مجتمع بأكمله هزّه هذا الإثم، وفجع بانتهاك الطفولة.. والحمد لله أن العائلة المالكة تدخلت لتبقيه في سجنه حتى يأذن الله أمراً كان مفعولاً بحسب الصحف البريطانيّة.. ولو كنت قاضياً من قضاة محكمة فيحان لطبقت عليه حد الحرابة لأنه خان الأمانة، وقطع الطريق على الإسلام الذي انتسب له كداعية، وأتى بجرم حرمته كافة الأديان.. فيحان هذا فقاعة من الفقاقيع التي طفت على سطح القنوات الفضائية التي فتحت نوافذها لكل من هبّ ودبّ، ليظهر علينا أمثاله من الذين يأمرون الناس بالمعروف وينسون أنفسهم.. ويأتون بالفجور من مكامنه ليسيئوا إلى الإسلام قبل أن يسيئوا لأنفسهم.. كيف لا وقد تمثل هذا الفيحان بالدعاة الصالحين، وظهر علينا بمظهر التقاة الورعين ليخفي وجه شيطانه البغيض الذي لم يتورع عن اغتيال الطفولة، وقطع الأرحام بظلمه البيّن في صورة بشعة من صور النفاق المذموم.. كما أنه أعطى الإعلام الغربي المتعطش للنيل من الأسلام والمسلمين فرصة ذهبية وقصة يلوكها طويلاً ليستمر التشويه والمضي قدماً في محاربة هذا الدين العظيم.. لهذا ليس أقل من القصاص جزاء عادلاً لما اقترفته يداه الأثمة. فلعل الطفولة أن تهدأ في قبرها، وترتاح الأرواح المكلومة، وتعود الثقة إلى المجتمع. والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاه به نسأل الله العفو والعافية إضاءة.. ليعذرني الدكتور والشيخ الفاضل سلمان العودة لورود اسمه هنا، ولكن بالمقارنة تتمايز الأشياء وتتفوق الأسماء.. دعواتي لك شيخنا الكريم بالفردوس الأعلى جزاء وفاقاً لما تقدمه من جهود خيّرة لخدمة الأسلام والمسلمين.