نور على نور

Loading

رمضان شهر القرآن بامتياز وهنيئا لمن فطن لذلك وأشغل حواسه بالتعامل مع القرآن كدستور حياة لا مجرد كتاب مقدس.
فالدستور يتوجب المطالعة والتدبر والمتابعة والمراجعة وهي عمليات متتالية لا يتسع حيز رمضان الزمني لها.

إلا أن العادة الحسنة أوجبت ختمات متتالية في رمضان تحولت عند البعض إلى قراءة آلية فلا وعي فيها ولا تدبر.. وإنما سباق لا ندري هل يفوز به المتسابقون أم يخسرون؟

بينما أعلى البعض الآخر أهمية حفظ القرآن كواجب حتمي على كل مسلم، بينما الفروق الفردية لا تتفق مع ذلك باعتبار ملكة الحفظ ليست نشطة عند الجميع وحفظ القرآن تحديدا هبة من رب العالمين ينعم بها على من يشاء من عباده الذين يسرهم لحفظ القرآن كاملا وتدبر معانيه.

وفي هذا السياق أتذكر حكاية جميلة من الجامعة حينما سألت الطالبات أستاذنا الدكتور عاطف أمان
الاستاذ بجامعة الأزهر ورئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بالقاهرة – غفر الله له حيا وميتا وجزاه عنا خير الجزاء – هل تحرص على تحفيظ أولادك القرآن؟
فأجاب: لا..
ولكني أحرص كل الحرص على أن يحفظوا سورة النور.. ولا تعجبوا من تخصيصه هذه السورة العظيمة فقد قال عنها الشيخ الشعراوي رحمه الله: ” سورة النور جاءت لتحمل نور المعنويات، نور القيم، نور التعامل، نور الأخلاق، نور الإدارة والتصرف، وما دام أن الله تعالى وضع لنا هذا النور فلا يصح للبشر أن يضعوا لأنفسهم قوانين أخرى؛ لأنه كما قال سبحانه: {ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور} النور:40
وفي ظني أن الوالدين لو بذلا جهدا طيبا في تعليم أولادهما سورة النور حفظا وتدبرا لقدما لهم خدمة جليلة وفائدة حياتية عظيمة.. وذلك من صميم الدور الأبوي تربية ورعاية،وهو أمر مهم.. في حياة الناشئة.

والأهم أن يبني كل مسلم علاقة وثيقة مع القرآن تحكمها الكيفية لا الكمية.. حتى ترتقي حين تقرأ.. وتستحق شفاعة القرآن يوم لا ينفع مال ولا بنون.. فكما ثبت في الصحيح أن القرآن يشفع لصاحبه.

كما ثبت أيضا أنه رفيق القبر، ففي الحديث الصحيح أن العمل الصالح يأتي صاحبه في قبره بشكل رجل في صورة حسنة.. فاختر القرآن رفيقا في الدنيا يرافقك في قبرك ويؤنس وحدتك.

ختاما:
انصحك ألا تعدد الختمات
وتنسى تدبر الآيات المحكمات
واحذر كل الحذر من قطع علاقتك مع القرآن
مهما كانت ظروفك والعقبات.