كسوف العاطفة

Loading

تعرضت قطر صباح أمس لكسوف الشمس الذي بدا واضحا في مجموعة من المدن العربية، وبعيدا عن التفسيرات الفلكية لهذه الظاهرة المهيبة تؤمن الغالبية الغالبة من المسلمين بأنها من دلائل الاعجاز الالهي والقدرة العظيمة لسيد الأكوان سبحانه وتعالى.

الذي يرسل هذه الظواهر العجائبية ليذكر الناس وينبه الغافل عن حقيقة الوجود العميق التي لخصتها آية قصيرة في مبناها. ممتدة في معناها حيث يقول جل من قائل في سورة الذاريات:
(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)

فيتفكر المؤمنون فيها ولها يعملون.

كما أن لهذه الظواهر المهيبة وجها أكثر هيبة وأشد أثرا هو الانذار والترهيب للطغاة والظالمين لعلهم يعقلون.

هي آيات معجزات تتكرر للترغيب في التوبة والعودة لله، والترهيب من غضبه جل وعلا وعذابه الشديد لمن طغى وتجبر ظلما وعدوانا. فالله أكبر يمهل ولا يهمل.

ذكرني هذا الكسوف الذي يخفي الشمس وسر الحياة الكامن فيها كالدفء والنور بكسوف العاطفة والمشاعر الذي يمر به الإنسان فيحرم من يحب عاطفته وحنانه لظروف قد تطول أو تقصر لكنها بالتأكيد فترة موجعة تعتريها المشاعر المتناقضة والمحيرة ويسيطر عليها قلق النهايات.

حقيقة يحيرني أن البعض يخبئ مشاعره خلف جدار من التصنع أو البخل أو التجاهل فيعرض أحبته لمعاناة غير مبررة وحالة من عدم الاستقرار تؤثر على أنفسهم وتعرضهم لوعكات صحية يمكن تلافيها لو حرص أولئك على الوضوح بفتح مسارات التدفق الطبيعي للمشاعر الصادقة والعاطفة الدافئة، إن وجدت.

ولا أرى مثالا صادقا لكسوف العاطفة وغياب المشاعر كالانفصال العاطفي حيث يقرر الزوجان الاستمرار في الزواج شكلا ونسف مضمونه نسفا خوفا من المجتمع وكلام الناس بينما الله عز وجل أحق أن نخشاه.

فمن أوصاف القرآن الخالدة لكسوف العاطفة قوله تعالى في سورة النساء: (فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ) وهذا من الظلم البين الذي يقع على المرأة فتغيب عنها شمس المودة والرحمة خلف قمر الظروف فلا هي زوجة ولا هي مطلقة.

كسوف ينشر الظلام والبرودة في حياتها فتموت جزءا جزءا حتى تفنى.

وحتى بعض الأزواج يعاني من زوجة كسفت عاطفتها فلم تعد قادرة على نشر نور المحبة ودفء المودة بينهما، حتى وهنت العروة الوثقى ولم يعد للارتباط معنى.

ولأولئك أقول: لن ينساكم الله الذي جعل من كل ضيق مخرجا.. وسيبدلكم بشروق ينير حياتكم ويسعدكم.

فقط، اتخذوا قرار التغيير واعملوا على تحويله إلى واقع جميل تشرق عليه شمس المشاعر الصادقك دون كسوف.

ختاما:

من عجائب القدرة الالهية أن يجمع الله عز وجل الغريبين في إطار الزواج ليربط بينهما رابط مقدس وثيق، أقوى من علاقة الإنسان بوالديه.

فما بال بعض خلقه أساؤوا لهذه العلاقة المقدسة بإهمالهم وعدم تقديرهم واستخفافهم بها؟.
اتقوا الله