شئتم أم أبيتم !

Loading

لاشك أن جائحة كورونا قد جاوزت معايير الوباء إلى ماهو أبعد وأعمق من المرض واللقاح. فما يحدث على أرض العالم درس إنساني يعيد ترتيب أولويات البشر خاصة الماديين منهم؛ أولئك الذين يعيشون من أجل المادة مهما كانت مسمياتها وينفون الروح مهما كانت احتياجاتها فكان الفراغ والعزلة هما العقاب ورفضه أو التحايل عليه لاطائل من ورائه إلا اليأس والغضب والحزن. إني أرى في هذه الجائحة تذكيراً من رب العالمين للغافلين من عباده.. لمن يتذكر أويخشى. فلا زال المارقون في غيهم يتيهون إلا من هداه الله إلى سواء السبيل.
إن الجائحة أعادت ترتيب سلم الأولويات فعاد كثيرون إلى الدين، لأنه رأس سلم الأولويات وقمة هرم الاحتياجات، شئتم أم أبيتم، أيها المحللون الضالون والمفكرون المتكبرون والعامة المنقادون. ففي هذا الصدد أذكر دراسة استقصائية نشرها “مركز بيو للأبحاث” (Pew Research Center)، المتخصص في أبحاث الدين والحياة العامة، مؤخرا تفيد بأن عدد الأمريكيين الذين يقولون إن تفشّي مرض كورونا عزّز إيمانهم الديني أكثر من عددهم في البلدان الأخرى المتقدمة اقتصاديا، حيث أفادت الدارسة التي أجريت في 14 دولة متقدمة اقتصاديا بأن نحو 3 من 10 أمريكيين (28%) تسبّب الوباء في تقوية إيمانهم الشخصي،
في حين قال 10% من البريطانيين إن إيمانهم زاد بسبب الوباء، أما اليابان فقال 5% من مواطنيها
إن الدين يؤدي الآن دورا أقوى في حياتهم. وكان تقرير صادر عن المركز نفسه نُشر في أكتوبر تشرين الأول 2020، قد أشار إلى أن ما يقارب من ثلث الأمريكيين (35%) يقولون إن الوباء يحمل درسا أو أكثر من الله، كما يشهد بذلك مواطنو إيطاليا وإسبانيا أكثر الدول الأوروبية تديّنا، فيرى واحد من كل 6 أشخاص تقريبا أن عقيدتهم الدينية قد نمت بسبب الوباء. أما مواطنو البلدان المتقدمة يقول 10% فقط إن إيمانهم الديني أصبح أقوى نتيجة تفشي فيروس كورونا. وللمهتمين والمشككين على حد سواء أشير إلى مقال لمتخصصين أكاديميين نشره “معهد الحرية الدينية” (Religious Freedom Institute)، يقدم الكثير من الأمثلة التاريخية التي تثبت أن المؤسسات الدينية لا غنى عنها في مكافحة الأزمات المختلفة ومن بينها أزمة “كوفيد-19″، وذلك لدورها الروحي والمادي في دعم الناس دعماً هاماً في مواجهة الأزمة. وأكد المقال على أن حضور الناس المناسبات الدينية بشكل دائم يحقق مستويات أعلى من الاطمئنان، لذلك كان وجود المؤسسات الدينية بكافة أشكالها ضرورة في أوقات الأزمات، بما في ذلك وباء كورونا.
فلا تغلقوا المساجد، ولا تعطلوا الصلوات، لأنها واحدة من أهم سبل مكافحة الوباء ودحر الجائحة، بل زيدوا من الأنشطة الدينية المبتكرة التي تزيد الناس تعلقا بالدين، فهم غرقى ولا مُنجياً إلا الله جل وعلا.
ختاماً..
تُرى ما رأي بعض المفكرين الذين ضلوا السبيل فسعوا إلى تشويش الآخرين بما ينشرونه من آراء مضللة، وجرأة غير مسبوقة على الثوابت الدينية، فيما ذكر أعلاه؟