يأتي رمضان هذا العام مختلفاً عن بقية الأعوام، حيث تبدأ طفلة القلب (نوني) التدرب على الصيام بعد أن دخلت الثامنة من عمرها مستهل هذا العام، ولأن العبادات هي نوع من العادات تمارس بشكل دائم، لابد أن يكون الوالدان في العالم الإسلامي على وعي بما يدربان الأطفال عليه، حيث لا يكفي أن نمنعهم عن الأكل والشرب فجاءة فالتدرج سنة الاكتساب والصبر علامة الفلاح.
كما أنه ينبغي على المربين آباء أو معلمين أن ينتهزوا فرصة حداثة السن ليغرسوا في تلك النفوس البريئة قيم الصوم الحميدة، فرمضان مزرعة القيم للصغار والكبار معاً، ولأن الكبار مسؤولون عن أنفسهم وتطهيرها وتنقية قلوبهم وعقولهم، فما زال الصغار أمانة المربين.
ومن أهم القيم التي تتجلى في الصيام ونحتاجها لتكون خارطة طريق في حياتنا، هي
مراقبة الله وتقواه – ضبط الوقت ومراقبته – الإحسان – الصبر – العفو والصفح- حفظ اللسان والجوارح – ضبط النفس والتحكم في الانفعالات، وغيرها كثير ممن يريد لنفسه وأهله الخير
فيربي بالصوم أطفالاً صالحين يكونون عوناً له في الدنيا والآخرة.
فالمتأمل في هذه القيم التي نتعلمها في مدرسة رمضان يجد أنها لا تقتصر على هذا الزمن الشريف بل تتجاوزه إلى العمر بكافة سنواته والشهور، لذا تأتي أهمية تعاهد الأطفال بالتدريب والتربية وعدم تركهم للاعتقاد بأن الصوم حرمان وشقاء والصلاة جهد وتعب حيث تفرغ العبادات من مقاصدها الذهبية.
وأعملوا إن لم تقوموا بهذا الدور على أكمل وجه تركتم أطفالكم فريسة لقنوات ترى في رمضان موسماً للدراما والفوازير والاستهلاك والإسراف، كما تتصدى وسائل التواصل بكل ما يشغلهم باللهو واللعب والسموم المدسوسة في الدسم.
يا أحبتي.. ليس الوالدان هما البيولوجيان اللذان رزقا بالأطفال، وليس لذلك اختصهما الله ورسوله بالتكريم، إنما الوالدان هما من جاهدا في تربية أولئك الأطفال على هدي الإسلام وعلى هذا استحقا البر والتقدير في كل زمان ومكان.
فأرجو الانتباه لذلك جيداً وانتهاز رمضان مدرسة الأخلاق ومزرعة القيم في بناء جيل صالح يعرف دينه ويتقن عباداته ويحترم معاملاته، جعل الله جهادكم في ميزان حسناتكم، وبارك الله لكم حلول الشهر الكريم ووفقكم إلى صيامه وقيامه.