جذور الحكمة

Loading

عبر السنين كنت وما زلت منفتحة على الإنسان مهما كانت المنابت والمشارب، مهما كانت الديانات والمذاهب، متسلحة بديني وثقتي في قوته ومتانة معتقدي.
أجد في صحبة الإنسان مهما كانت أصوله وجذوره سلوة ومتعة التنقل بين بساتين المعرفة المجردة التي تأخذنا بأيدينا نحو الله، فما اسعد من استقبله سبحانه في رحاب اليقين! وما أتعس من بقى متعلقا بما دون رب العالمين!.
تساعدني على هذا التواصل الجميل لغة انجليزية علمني اياها في مقتبل العمر معلمي الأول، والدي رحمه الله، وهي واحدة من الفضائل التي لا انساها له غفر الله له غفرانا واسعا.
وعلى مستوى هذا التواصل الجميل جمعتني مؤخرا جلسة بأخت من الجالية الهندية في غرفة انتظار عند طبيب فاضل، فتحدثنا طويلا لتؤكد أن جذور الحكمة متأصلة في هذا الشعب العريق.
وبطبيعة الحال كان الموضوع كورونا، والذي يفرض نفسه على كل حديث، خاصة وأنها تعمل ممرضة في احد المراكز المتخصصة بالتعامل مع الحالات المتقدمة.
ورأت الكثير من الحالات التي تعجز العبارات عن وصفها، فطمأنتها بأن الموت راحة أيضا، الله وحده يعلم الصالح لعباده.
كان الحديث محاولة فهم وسبر غور هذه الكارثة، لإيماني العميق بأنها لا تخلو من عبث شرير، وان هناك من دبر وحدث بعدها ما حدث، فحكايات الأوبئة السابقة لا تشبهه في شيء رغم تقدم الإنسان وغزارة علمه بشكل خيالي غير مسبوق.
جاء هذا الفيروس ليحجم حتى مبتكره، خاصة في السلالات المتحورة المتجددة، فكمية الخبث المخبوء فيها ينبئ عن حقد متراكم ورغبة شهوانية في الموت والتشفي.. اللهم لطفك.
إن الله سبحانه وتعالى رب خير ورحمة لا يرسل الخبائث، والقرون الغابرة التي حملت وسما لكل غضب إلهي أصاب أقواما سالفة لا يوجد بينها ما يشبه ما يتوعد به الإنسان أخاه الإنسان هذه الأيام، من سلالات فتاكة تصيب الناس كافة إلا من رحم الله.
إن العبث في نواميس الكون بقلب المعادلات وابتكار الفيروسات غرور أصاب الإنسان فأعماه، فبدأ مشوارا لم يستطع اكماله ولا ندري إلى أين سيأخذ الكون معه؟!.
فأجد نفسي اعود إلى عمق اليقين وأردد:
إن للكون ربا يحميه
واسأل: ماذا عليّ أن أفعل انا كإنسان منفرد في هذه التقلبات الساخنة المثيرة للقلق والغثيان؟.
فأجد أن أولى أولويات اي انسان في هذا الكون وفي هذه المرحلة هو ايمانه السليم فليعض عليه بالنواجذ، وليكن داعيا لله عابدا له حتى يأتيه اليقين.
(ومن أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
سورة فصلت (33).
ففي رأيي هذه هي خلاصة رسالة كورونا العودة إلى الله، والثبات على دينه حتى نلقاه، ثبتنا الله وإياكم على ما يحب ويرضى.