يصاب بعض الأطفال بالتوحد الذي يحدّ من قدراتهم على التواصل الاجتماعي فيعجزون عن إقامة علاقات اجتماعية مع محيطهم البشري. كما يؤثر المرض في سلوكهم وعاطفتهم وقدراتهم على التعلم، خاصة التعلم اللغوي. ويمكن أن تلحظ الأم «المهتّمة» أعراض المرض قبل سن الثالثة، ومن المؤسف أنها قد تستمر مدى الحياة. تشتد بعض تلك الأعراض وتخفّ أخرى، لكنني مؤمنة بأن إرادة الأنسان أقوى من هذه التحديات إذا ما توفرت للطفل أم واعية تربي وتتابع نمو طفلها بدقة، لتكتشف الأعراض، فتهب لمساعدته مستعينة بالمراكز المختصّة لتعينها على تربية إنسان ناجح وإن كان متوحداً. لكن هذا لن يحدث ما دامت جل الأمهات قد أسندن مهمتهن المقدسة للخادمات اللاتي يسهمن في زيادة الطين بلّة، فيمرضن الطفل السليم فكيف بالعليل؟!! وما دامت المدارس لم تنجح في تعليم الأصحاء القراءة والكتابة فكيف بالمتوحدين وغيرهم بعد سنوات من الدمج الاعتباطي؟!؟ وما دامت المراكز المختصة تعاني من مشكلات إدارية وغيرها حادت بها عن دورها العظيم؟!! وما دام البعض يرى في هذه الفئة «زبائن» يستطيع الاستثمار فيهم لتنتشر المراكز العلاجيّة الخاصة واحداً تلو الأخر، إلا أننا ومع كل هذا الأنفاق لم نر أو نسمع عن نماذج فذّة كالتي أسوقها هنا للمربين في البيت والمدرسة. نماذج لمصابين بالتوحد، توفرت لهم وبلا أدنى شك ظروف مكنتهم من ممارسة حياتهم اليومية وتحقيق إنجازات مهمة في مجالات مختلفة فهل يحدث هذا «يوماً» لأبنائنا؟! – تمبل جرندان – أميركية حاصلة على درجة الدكتوراه في فلسفة العلوم، ألفت العديد من الكتب في تخصصها، وأخرى تحكي قصة كفاحها مع المرض، ولها نظرية علميّة حول تحسين سلالات البقر.. – ساتشي تاجيري – ياباني أكبر مصممي ألعاب الفيديو ومبتكر البوكيمون.. – تيم بنغ – أميركي ناقد موسيقي حاصل على جائزة البوليترز، اختارته مجلة متخصصة في الأوبرا كواحد من أكثر الشخصيات تأثيراً في مجال الأوبرا، وحاصل على لقب بروفيسور في الصحافة والموسيقى. – دان هيوز – أميركية عالمة في مجال علم الأنسان الأنثروبولوجي، وعالمة في علم السلوك الحيواني، شغلت منصب الرئيس التنفيذي لمشروع علمي ضخم والمدير التنفيذي لمعهد البحوث الأثرية المعرفي. – توماس مكين – أميركي عمل في المجلس الوطني لجمعيّة التوحد الأميركية كمستشار يقدم خدمات استشارية للأسر وللنظم التعليمية في أميركا، شارك في مؤتمرات خطابيّة وخاطب الكونجرس في قضايا التعليم والأعاقة والتمويل، حصل بعدها على شرف رتبة كولونيل تقديراً لجهوده. من أشهر كتبه «سيأتي النور قريباً» و»ضوء في الأفق». -جون ألدر روبنسون – أميركي موهبة فذة في الإلكترونيات والتقنيات. أسس عمله الخاص لخدمة عملاء الرينج روفر والبنتلي والرولز رايس، ويعد أضخم مشروع في هذا الاختصاص.. ألف كتاباً عن حياته بعنوان «ضع عيني بعينك» حقق أعلى المبيعات… أرجو بشدّة أن يعي المهتمون بمرضى التوحد هذه القصص الناجحة فيعلموا أنه لا يأس مع الحياة، وأن الأنسان طاقة جبّارة تفعل المستحيل. فلا يتقاعسون عن إنتاج مثل هذه النماذج الرائعة من أولادنا الذين قدّر الله عليهم مرض التوحد، شفاهم الله وعافاهم.