بدّلها

Loading

ابتلينا منذ زمن بظاهرة دخيلة على مجتمعنا القطري الذي قام على التواصل والتزاور في شهر رمضان المبارك، وهي ظاهرة الخيام التي تنسب إلى رمضان وهو بريء منها. والمتأمل لأحوال تلك الخيام يعرف أن المجتمع القطري بريء منها أيضاً، فهي من الأمور التي تم استيرادها من دول عربية معروفة بعينها. الخيام بما تحتويه من سبل لهو وترفيه تتعارض مع روح الشهر الكريم، الذي يتوجب علينا استثمار ساعاته بل ثوانيه في تجويد عباداتنا، وتجميع الأجور المضاعفة من رب كريم وعد بأن تكون الحسنة بعشرة أمثال. قضت على التراحم والتزاور وجعلت ليل رمضان عند البعض ملهى ليلياً يعج بالدخان والأنس! وحيث إن هذه الظاهرة تغلغلت وأصبحت أمراً واقعاً تزخر بإعلاناته وتصوير إبهاراته وسائل الأعلام! كان لا بد من تحرك ينقذ ما يمكن إنقاذه، خاصة أنه برغم فحش انتشاره ما زال الكثيرون يرفضونه بكل ما يمثله من مخالفات وتجاوزات تنسف ليلاً صيام النهار نسفاً. فانبرى مشايخ الدين والوعّاظ والكتّاب لهذه الظاهرة باكراً رافضين وجودها.. محرمين ارتيادها.. إلا أن الوفود القادمة لبلادنا للعمل وغيره وبعضاً من المواطنين الذين انسلخوا عن قيم الدين والمجتمع حولوها إلى شر لا بد منه.. وأمر واقع لا مناص عنه! حتى بات الوزراء يفتتحون فعالياتها!! حسبي الله ونعم الوكيل.. لذا كان لا بد من تحرك أكثر فاعلية وأشد أثراً لتوفير بديل يجتذب أولئك السادرين في غيهم، فكانت الخيام أيضاً هي الحل، ولكن شتان بين الخيام سالفة الذكر.. وبين هذه. حيث تبنت الجمعيّات الخيريّة ومؤسسات الدولة المعنيّة الفكرة، ونصبت خياماً تحوي بين جنباتها خير الأنسان فكراً وجسداً وروحاً. وأقامت تحت قببها أنشطة متنوعة وكثيرة تناسب الأذواق السليمة والنفوس التّواقة للنهل من معين رمضان المبارك، والاستزادة من علوم الدنيا والدين. ولم يقتصر هذا السباق الخيّر على الكبار بل حتى الصغار أيضاً، في محاولة موفقة لتقديم نموذج صحي للخيمة في رمضان ينشؤون عليه. وأنا إذ أبارك لهم هذه الخطوة الناجحة وأشدّ على أيديهم راجية لها القبول والتوفيق.. فإنني أنادي رواد الخيام سيئة الذكر بأن يستبدلوا جلسات اللهو والطرب والشيشة بجلسات الخير التي تحفّها الملائكة وتذكرها عند مليك مقتدر. وأعلم أن من كانت فطرته سليمة، وقلبه نقياً، سيلبي النداء حتماً.. أما من ران على قلبه فسيمضي سادراً في غيّه.. منتهكاً حرمة الشهر الكريم.. راضياً بأن يكون مقلداً لكل مستورد دون إعمال عقله والارتقاء بنفسه.