Re Twitte

Loading

في كل يوم نعيشه -ولله الحمد- تتكشف لنا اختراعات جديدة.. جاءت نتيجة حاجة ملّحة.. فالحاجة أمّ الاختراع كما يقولون.. والمتابع للعرب وكيفية استخدامهم لتلك الاختراعات يحزن لقدرة غالبيتهم على الاستخدام السلبي لتلك المخترعات، التي ما أطلقها أصحابها إلا لمساعدة البشرية على تحقيق مستوى معيشي أفضل وأسهل.. ومن تلك الاختراعات الشبكات الاجتماعية التي غيّرت حياتنا، فقرّبتنا من شعوب وقبائل ما كنا لنصل إليهم بدونها، ومدت جسور التواصل عبر البحار والمحيطات لتحقق على الواقع مقولة «العالم قرية صغيرة». ووضعتنا -رغم إرادتنا- في أتون الأحداث الساخنة لتلسع أرواحنا وتواجهنا بعجزنا عن تحريكها! شرّعت تلك الشبكات –كـ «تويتر»- أبوابها لكل طارق، فصارت «تلم» المترديّة والنطيحة، وتجعلهم على قدم سواء مع المفكرين والأدباء! لنجد منهم أقليّة فهمت دور «تويتر» فاستثمرت إمكاناته، ووظفتها في خدمة البلاد والعباد.. والأغلبية لا تفعل!! فـ «تويتر» الذي يطرح خلاصة الفكر أياً كان نوعه يعرض لنا مستويات متباينة للناس.. فتجد المفكر الذي يقدم خلاصة فكره، والعالم الذي يقدم زبدة علمه، والداعية الذي يوجّه متابعيه إلى طريق الجنة، وتجد كذلك مستوى ضحلاً من الأخلاق والفكر والتعبير.. فبعض التغريدات توحي لك بأنك دخلت –بالخطأ- إلى مقهى من الدرجة العاشرة للأسلوب الذي كتبت به.. وبعض آخر من تلك التغريدات ما هي إلا «ري تويت Re Twitte» بمعنى إعادة تغريد تعيد نشر مقولات ومقتبسات من هنا وهناك.. كتلك التغريدات التي تعيد نشرها صحافتنا يومياً لبعض المغردين.. إلا من رحم ربك!! في رأيي أن «تويتر» يثير تحدياً لقدرة الأنسان على التعبير ببلاغة عما يريد نشره.. فإما أن تكون أصيلاً وتمتلك القدرة، أو شجاعاً وتنسب تلك المقتبسات لأصحابها.. ومن سوء الاستخدام لـ «تويتر» تحويله إلى وسيلة سريعة لتداول الأشاعات، أو الصراعات.. وهو استخدام بائس وغير أخلاقي له أثره المدمر على المجتمع والأفراد.. ورغم المناصحة والتوعية التي تقوم بها المؤسسات على اختلاف تخصصاتها فالبعض سادر في غيّه، وما زال يصدّر لنا مرضه النفسي وتخلّفه العقلي!! مخطئ من يظن أن «تويتر» ألبوم صور لشخصه يعرض من خلاله صوره الشخصية التي يبالغ في تزييفها.. أو ينشر من خلاله صوراً إباحية تنشر الأثم في كل مكان! مخطئ من يظن أن «تويتر» مجال لتصفية الحسابات ونقل الأشاعات!! أو يظن أن «تويتر» وسيلة للمعاكسة وبناء العلاقات الغراميّة!! إن «تويتر» منبر مشهود للتعبير عن الذات بأسلوب حضاري من خلال احترام حواس الأخرين، فلا ينشر ما يسوءهم ويحسب عليه يوم لا ينفع مال ولا بنون، يوم يسأل عن علمه وما عمل به.. فليطلق التويتريون الأيجابيون -إن صحّ التعبير- حملة أو هاشتاق خاصاً باستخدام أفضل لـ «تويتر»، لعل ذلك أن يغيّر من غالبية تسيء استخدامه.. فتؤثر سلباً في الجميع.