خلو طرف مفقود

Loading

الأخبار تتواتر عن تنظيم الموارد البشرية في المجلس الأعلى للتعليم وتحوّلها إلى مركزية، بحيث تكتمل إجراءات تعيين موظفي وموظفات المدارس المستقلة، بعدما كانت حقاً مطلقاً لأصحاب التراخيص.. وهي خطوة تثير مشاعر متناقضة، فتنظيم الأمور وتقنينها يسعدنا ويبشرنا بالقضاء على الخلل الذي أدى إلى قوائم طويلة من القضايا التي يكسبها الموظف بسهولة في غياب السياسات وتعنت القائمين على الأمور.. وإن ضايقنا بعض الشيء تقليص صلاحية أخرى من صلاحيات صاحب الترخيص في نكوص خطير وتكريس أخطر للعقاب الجماعي.. فالمجلس الأعلى للتعليم بهيئاته لا يعاقب المخطئ فقط، وإنما يعمم العقاب بشكل جماعي، بمعنى لو فشل صاحب ترخيص ما في تنفيذ سياسة معينة قررها المجلس انتزعت تلك الصلاحية من الجميع!! إلا أن المصلحة العامة هي ما ننشده دوماً، لذلك أرى إن إخضاع الأمور لسياسات وقوانين واضحة أهم من تلك الصلاحيات المنتزعة، وإن لم يخلو الأمر -حالياً- من بعض الحالات التي مورست ضدها مزاجية تسببت في تنقلها بين المدارس، أو سحب ترخيص البعض تحت ظل إجراءات سيئة كالعادة!! ولا يخفى عليكم أن الإجراءات الخاطئة تحوّل الظالم إلى مظلوم وتكسبه تعاطفاً منقطع النظير، بل وتوجّه الغضب الشعبي إلى جانب آخر!! وبما أن الشيء بالشيء يذكر دعونا نسأل الموارد البشرية بالمجلس الأعلى للتعليم حول قضية إخلاء الطرف المفقود -ومن لا يعرف ما المقصود بإخلاء الطرف، أضيف: هو شهادة رسمية من جهة عمل سابقة ببراءة ذمة الموظف وخلوه من أي متعلقات تخص تلك الجهة- فالمعروف أن هذا المجلس العتيد يصرّ على منح الموظف مهما كانت درجته شهادة إخلاء طرف، بينما يحرم أصحاب التراخيص المستقلين أو الذين سحبت تراخيصهم من تلك الشهادة، رغم تسليمهم كافة عهدهم وبراءة ذممهم المالية!! بل والأسوأ من ذلك أنه يتخذ قراراً بتقاعدهم دون أن يكلف خاطره -المشغول جداً- بسؤالهم عن رأيهم حول ذلك، مما ينم عن عدم الاهتمام بالمصلحة العامة، وسوء تقدير لتلك الكفاءات المستقيلة، وعجزه عن تحمل مسؤولية اختيار بعض المديرين والمديرات الذين سحب منهم التراخيص!! إن أسلوب سد الشاغر بالمتاح في إدارة المدارس أسلوب خاطئ يدفع ثمنه أولادنا، كما يدفع ثمنه شخص ما وجد نفسه فجأة صاحب ترخيص / مدير مدرسة، وبنفس الأسلوب وجد نفسه متقاعداً دون أن يسأل عن رأيه في كل ذلك!! بل الأدهى أن بعض المختارين قد أقروا أمام لجنة -كيفما اتفق- أنهم فوجئوا باختيارهم، وأنهم لا يملكون الخبرة الكافية لإدارة مدرسة، ولكن اللجنة التي تتغنى بالوطنية وأهمية إتاحة الفرصة للقطريين والقطريات و»منحهم المناصب» أقنعتهم بالاستمرار في تلك المهمة المستحيلة تحت وعد بالدعم والتدريب و… و… غيره من الوعود التي سرعان ما تنقشع ليكتشف المدير/المديرة عجزه عن العمل في ظل هذه الظروف، وبمعية نواب مفروضين عليه ومنزعجين من حرمانهم من حقهم في هذا الترخيص أكثر منه!! خاصة أن معايير منح تراخيص المدارس المستقلة ما زالت تشوبها الضبابية، وفي أحيان كثيرة يحكمها الرضا السامي والعكس صحيح. وقبل أن يفكر هذا المسكين بالاستقالة احتراماً للوطن وللأمانة يفاجأ بفريق التدخل السريع الذي يضع تقارير تفيد بعدم صلاحيته للعمل كمدير، ويأتي القرار المهين بسحب ترخيصه وتحويله للتقاعد وحرمانه من عودته إلى سابق عهده في مجال التعليم أو الحصول على فرصة عمل أخرى، لأن المجلس الأعلى للتعليم -ممثلاً في هيئة التعليم- يسلبه حقاً شرعياً كفله له القانون هو الحصول على إخلاء طرف!! مما يضطره إلى اللجوء للقضاء، ولكم أن تسألوا في المحاكم ولجنة التظلمات في هيئة التقاعد عن الرقم القياسي الذي وصلت إليه تلك القضايا!! في رأيي أن هذه الإجراءات تكلف الدولة الكثير من الأعباء المعنوية بالاستغناء عن كفاءات تربوية قطرية مدربة يحتاجها الميدان في (مناصب أخرى) غير إدارة المدارس. كما أنها أيضاً تهدر ميزانيات ضخمة -تعليم أولادنا أولى بها- كافية لدعوة اللجنة التنفيذية للمجلس الأعلى للتعليم لإعادة النظر في جدوى استمرار بعض المسؤولين الذين يتصرفون بعشوائية دون الالتفات إلى تلك الخسائر. لذلك أتمنى على اللجنة الموقرة أن توصي الموارد البشرية بالعمل على منح أصحاب التراخيص -الذين تركوا الميدان برغبتهم أو بسحب التراخيص منهم- شهادة خلو طرف من المجلس الأعلى للتعليم ليتمكنوا من البدء من جديد في مجال آخر بعيداً عن الإجراءات المشوّشة التي تتسم به هيئاته.