أنقذونا تكفون

Loading

لم أكن أتخيّل يوماً أن تصلني إيميلات بهذه المشكلة ولكنه حدث!! ورغم أنه كان متوقعاً نتيجة تنصل الجميع من المسؤولية، ولكنني كنت أردد في خاطري: ما زال الخير موجودا. وبما أنني حمّلت أمانة التبليغ فها أنذا أطرح المشكلة أمامكم بغية علاجها سريعا وبشكل قاطع، تفاديا للأضرار بعيدة المدى التي ستنتج عنها نفوس مشوّهة، وانحرافات سيدفع مجتمعنا ثمنها غاليا عاجلا غير آجل. في البدء: أريد أن أعرف الخبير التربوي الهمام الذي أوصى بضم الصفين الخامس والسادس للمدارس النموذجية المستقلة، رغم أن ذلك لم يكن موجودا في النظام السابق حتى أحمّله وزر هذه المشكلة يوم الدين!! لا بد أنكم تتساءلون الآن ما هذه المشكلة.. لذا لن أطيل عليكم لأنها لا تحتمل التأجيل أكثر. سأحدثكم اليوم عن التحرش في المدارس النموذجية.. فقد وصلتني إيميلات من مدرّسات يدرّسن في مدارس نموذجية يشتكين من تحرش الطلاب ببعضهم البعض، وفي حالات متأخرة تحرش الطلاب بمدرساتهم اللاتي في الأغلب يكنّ خريجات حديثات لم يمتلكن بعد مهارات التعليم والتصرف السليم في مثل هذه الحالات التي أعيت الاختصاصيات عديمات الخبرة، واللاتي بدورهن لم يدربن بشكل صحيح على إدارة معضلة أخلاقية صارت تكبر بالسكوت عنها ومداراتها.. وصار لا بد من تدخل جهة مختصة لمعالجة هذه الكارثة. قد أفهم سكوت الأسرة التي ابتليت بطفل متحرش، لأنها السبب في حدوث ذلك بإهمالها له وتركه في عهدة سائق أو خادمة أو جار غير أمين.. ومصادر التحرش كثيرة وقد يؤتى الحذر من مأمنه. وقد أقدّر خوف تلك الأسر من الفضيحة في مجتمع صغير لا يرحم، صار فيه كثير من الرجال يحترفون النميمة أكثر من النساء! ولكن ما لا أفهمه ولا أقدره هو قرار ضم صفي خامس وسادس للمرحلة الابتدائية، في حين أن طالب هذه الصفوف يمرّ بفترة عمرية انتقالية إلى المراهقة وما تمثله من مشكلات خطيرة تتسم بالبحث عن الهوية الجنسية وتأكيدها. كما أنني لا أفهم سكوت المسؤولين عن تلك المدارس على التقارير التي تضخ لهم من المدارس النموذجية، وغض النظر عن شكاوى أولياء أمور الطلاب المجني عليهم!! كيف لم تتم معالجة مشكلة باتت سببا في هروب المعلمات من المدارس النموذجية حتى الآن؟!! فرغم أن المشكلة قديمة -وسمعت عن حالات فردية هنا وهناك – لكن السكوت عنها حولها إلى ظاهرة لا بد من التدخل السريع والجاد لاجتثاث المتحرشين، حتى ولو كانوا أحداثاً من مدارسنا ومعالجتهم لكف أذاهم.. فأسوأ ما قد نعرض له أولادنا في مستهل حياتهم الدراسية خبرة شاذة على يد متحرش!! إنني أعجب والله من الأموال التي تصرف على البهرجة والاستعراضات الإعلامية التي تصدّر لنا صورة غير صادقة عما يحدث على أرض الواقع في خيانة واضحة للأمانة!! ترى لو وظفت تلك الميزانية المهدرة على صبغ وتلوين وتزيين وأنشطة لا تغني ولا تسمن من جوع على برامج علاجية تخضع لها أسر المتحرشين ويعاد تأهيلها ومعالجة أولادها ليعودوا أفرادا صالحين يساهمون في بناء المجتمع، ومن ثم توفير بيئة آمنة لأطفالنا لكنّا بألف خير.. لكن إذا استمر حال مدارسنا مطابقا لقول أهل قطر الفصحاء «من فوق هالله هالله ومن تحت يعلم الله» سنصحو على كارثة أخلاقية لا يعلم مداها إلا الله.. وسيدفع الجميع ثمن جريمة التحرش المسكوت عنها.. إنني أحذر من التكاسل والإهمال في اتخاذ الإجراءات القاطعة والجازمة، سواء على مستوى الأسر أو مسؤولي التعليم، في حين يتعرض طفل أو مدرّسة لمتحرش مراهق أدمن مشاهدة الأفلام الخليعة، أو تعرض للتحرش بدوره على يد بالغ! إنها سلسلة متصلة الحلقات فمن تم التحرش به سيتحرش بآخرين.. هذه قاعدة معروفة. لا بد من فصل طلاب صفي خامس وسادس ونقلهم إلى المرحلة الإعدادية، ومراجعة لائحة الضبط السلوكي وتحديثها بإجراءات تضمن حق أطفالنا في بيئة تعليم آمنة. كما أتمنى أن تتدخل مؤسسات علاجية تنقذ المتحرشين الصغار من أنفسهم ومعالجتهم وإعادة تأهيلهم وتغيير بيئتهم، بوضع برامج فعّالة تقتلع الجذور الضارة وتزرع بدلاً منها نبتة صالحة. ففي تلك البرامج فائدة تفوق المؤتمرات والورش والملتقيات التي تزيد البون الشاسع بين النظرية والتطبيق، فما الذي أستفيده كولية أمر من متابعة أنشطة تلك المؤسسات والهيئات في وسائل الإعلام، بينما الواقع يؤكد لي أنهم يقولون ما لا يفعلون! إنني أدق ناقوس الخطر لعل هناك من يسمع من مسؤولين يشاركونني الهمّ ذاته فيتحركون لإنقاذ مستقبل الوطن، الذي لم يقصّر في ضخ ميزانيات خيالية لدعم التعليم والصحة لينتشلوا المتحرشين وضحاياهم من براثن مستقبل مشوّه ترسمه خبرات شاذة وحوادث مؤسفة. إنني متفائلة بأن صوتي سيجد صدى على الأقل عند أولياء أمور المجني عليهم فيشكلون قوة ضغط تدفع للتدخل العلاجي المنشود.. فهل تفعلون.