أعلنت الحكومة الاماراتية عن تأسيس صندوق برأسمال 10 مليارات درهم تنفيذا لامر رئيس الدولة احتفاء بالعيد الوطني الأربعين الذي يأتي هذا العام تحت شعار روح الاتحاد في صورة حقيقية تعكس روح الاتحاد بين القائد وشعبه. سيتولى هذا الصندوق دراسة ومعالجة قروض المواطنين من ذوي الدخل المحدود وإجراء تسويات للقروض الشخصية المستحقة عليهم, وذلك بالتنسيق مع المصرف المركزي والمصارف الدائنة في الدولة, وقبل ذلك وافق مجلس الأمة الكويتي بأغلبية أعضائه على قانون إسقاط فوائد القروض وذلك بموافقة 35 عضواً، وعدم موافقة 22، وامتناع عضو واحد. وحيث إننا في دوحة الخير التي فاقت قيادتها الاخرين عطاء كما ونوعا فإنني أرى أنها الأقدر على إيجاد حل جذري للمواطنين الذين تحملوا قروضا تحت ضغوط تختلف من حالة إلى أخرى وعجزوا عن السداد في ظل سياسة بنكية عجيبة تمتص أرواحهم تحت عذر الفوائد فتجد المديونية ثابتة بينما خصم الاقساط مستمر دون وازع من ضمير أو رقابة حقيقية! قد يرى البعض أن إسقاط ديون المواطنين ليس من واجبات الدولة تجاه مواطنيها, ولكنني أرى ويشاركني كثيرون أن الأقربين أولى بالمعروف في وقت تتوجه فيه الدولة لإقالة عثرات الدول الأخرى, وذلك عملاً بمقولة (الأقربون أولى بالمعروف). كما أنني أؤكد على أن من صميم واجبات الدولة مراقبة البنوك وسياسة الإقراض ومصيدة الفوائد القاتلة يمثلها في ذلك مصرف قطر المركزي الذي أصدر قرارا بخفض سعر الفائدة ولم تلتزم به بعض البنوك, فما زال المواطنون يجأرون بالشكوى من تجاهل تلك البنوك, خاصة رجال الأعمال الذين يساهمون بمشروعاتهم في تنمية البلاد ودعم اقتصادها فقد أبدوا تضررهم من تجاهل البنوك المحلية لقرار مصرف قطر المركزي القاضي بتخفيض سعر الفائدة على القروض. وطالبوا بضرورة إلزام المصرف المركزي كافة البنوك والمؤسسات المالية بتخفيض سعر الفائدة على القروض حتى لا تتوقف أعمالهم وأنشطتهم. كما شددوا على ضرورة إطلاق البنوك التي تدعمها الدولة وتضخ أموالا طائلة في رؤوس أموالها حزمة مبادرات تفضي لإعادة جدولة ديون هذه الشركات ومنحها فرصا أطول للسداد حتى تستطيع العودة مرة أخرى إلى تحقيق قيمة مضافة إلى الاقتصاد الوطني. هذا هو حال رجال الأعمال والتجار فما بالكم بأصحاب الدخل المحدود الذين طمحوا لتحسين دخولهم وغامروا بالدخول إلى البورصة وغيرها من المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي فشلت تحت مؤثرات كثيرة لا دخل لهم في أغلبيتها, منها على سبيل الذكر لا الحصر إغلاق الشوارع لمدد طويلة كانت كافية لقتل ذلك الطموح المشروع. وإن كانت الجمعيات الخيرية -مشكورة- قد بدأت تتفهم دورها الإيجابي في المجتمع بكافة شرائحه بعد أن قضت ردحا طويلا تضخ تبرعات وزكوات القطريين خارج قطر فعادت لتسهم في إقالة عثرات المدينين إلا أن ميزانيات تلك الجمعيات لا تكفي لقضية الديون تحديدا. لذلك فإنني أحذر من تجاهل قضية الديون, خاصة المتعثرة منها, وأطالب بالتعامل معها بجدية لما لها من آثار سلبية على الأسرة, ومن ثم المجتمع. كما أنصح بحملات توعوية مضادة توضح للمواطنين مخاطر الاقتراض غير الرشيد ليسهم ذلك في ترشيد عملية الاقتراض وتوجيهها نحو فائدة المواطن وتحقيق طموحاته بما يعود بالنفع العام على المجتمع ككل وحتى تمنعه من الوقوع في المخاطر المترتبة على الديون التي تتعثر بسبب أو بآخر. بل إنني أفكر في أبعد من ذلك وأتساءل لماذا لا يوجد مركز متخصص في تقديم الاستشارات في هذا الشأن يهدف لتوعية الناس ولنشر ثقافة الحد من الاقتراض وتحسين أسلوب الحياة من استهلاكي إلى إنتاجي, حيث يمكن للشخص إذا أراد أن يقترض أو أغري بذلك من خلال الحملات الإعلانية للبنوك وشركات التمويل والتي تحاصره في كافة وسائل الإعلام أو مندوبيهم، أن يطلب استشارة اقتصادية تساعده من خلال الإيضاح والبيان بأن عليه عدم الاقتراض, أو أنه يمكنه ذلك. فللديون آثار سلبية واستمرارها ليس من مصلحة البلد لأنها تؤثر في اقتصاده, والأهم من ذلك أنها تؤثر في حياة المواطن الصحية والاجتماعية والنفسية, فالسجن أو الطرد من المنزل لعدم القدرة على سداد الإيجار أو استيلاء البنك على المنزل المرهون أو تحويل الراتب كاملا للبنك، أو الطلاق، أو الانتحار آثار تجعل الحكومة تفكر جديا في حل جذري لمعضلة الديون. كما لا يفوتني أن أنصح المواطن بالتفكير بعمق قبل أن يقدم على الاقتراض ويمنح نفسه فرصة دراسة جدوى ذلك القرض والآثار المترتبة عليه, وأن يسأل نفسه هل يستحق القرض أن يستعبده البنك مدى الحياة. في الختام أتطلع لخطوة حكومية تتمثل في إلغاء الفوائد البنكية على الأقل بحيث لا يتحمل المواطن إلا ديونه فقط, ذلك إن لم يكن في خطة الحكومة طرح حل جذري يسقط الديون عن مواطنيها بوصفهم شركاء في ثروة البلاد أدامها الله ما دامت الارض عامرة بذكره, ليكن ذلك تجسيدا لروح الاتحاد بين الشعب وقيادته وفقها الله لخير البلاد والعباد.