كم يحزننا تسارع الأيام الجميلة، وغروب شمس رمضان ليبزغ قمر العيد معلناً سفر الشهر الكريم إلى موعد قادم آت لا محالة
ليس في ذلك الشك..
فالشك كل الشك في وجودنا لاستقباله
لذلك نقول اللهم أعده علينا أعواما مديدة..
إلا أن ما يحزننا أكثر هو اللغط
الذي يثيره دخول الشهر الكريم على حياتنا وخروجه منها..
فالجدل كبير والتأويل كثير وخيبة أمل عامة المسلمين أكبر وأكثر !!
لأن النبي ﷺ يقول: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته؛ فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين”
وفي اللفظ الآخر: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ؛ فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين”
وفي اللفظ الآخر: “فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا”
وكما نرى فالرسول ﷺ حدد الرؤية ولم يحدد طريقتها..
فإن كان عهد الرسول وماتلاه يتميز ببيئة نقية تتيح الرؤية الجلية
فالأمر الآن مختلف لأن التلوث الذي يلف الأرض كضريبة ندفعها ثمنا للثورة الصناعية تجعل رؤية الهلال بالعين المجردة صعبة رغم ولادته.. وهو أمر تسبب في احتساب خاطئ أكثر من مرة !!
والأصعب من هذا الوضع الحساس الذي يمس حياة أكثر من مليار نسمة.. فاختلاف الدول الإسلامية حول مواقيت دخول الشهر وخروجه أكثر حساسية وبات رمزا للاختلاف أكثر من الوحدة التي يجب أن تتسم بها أمة المليار.
إن الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان لذلك وجب على الفقهاء تطويع أدوات العصر من أجل نصرته وجمع المسلمين على قلب واحد من خلال استخدام كافة الرخص المتاحة لجعل دخول رمضان وخروجه حسابا دقيقا لايقبل الخطأ ولا الجدل..
فجلب المصالح ودرء المفاسد أصل متفق عليه بين العلماء، وأي مصلحة أعظم من جمع الأمة الإسلامية على كلمة سواء من خلال استخدام نعم الله التي جعلت حياة الناس أسهل وقلصت نسب الخطأ بشكل يغني عن اعتماد رؤية الهلال بالعين المجردة.
ويوقف اللغط الذي يثار في كل موسم رمضاني ليزيد من أسباب الفرقة ويعمقها..
فإن كانت حاجتنا لوحدة الصف في الماضي شديدة.. فحاضرنا يستدعي توحيد الجهود وإخلاص العمل من أجل لم شمل الأمة ليتشاركوا المشاعر ذاتها في ذات الوقت فتزهو الدنيا بفرحة المسلمين كلهم باستقبال العيد.. دون أن يتخلف شخص واحد لدوافع أبعد ماتكون عن الدين..
فديننا دين يسر لاعسر ويطالبنا بالمعرفة والعلم في كل زمان ومكان..
فهل تفضلتم -أيها الفقهاء – باستجابة تجعل العيد… عيدين. ؟؟
ختاما..
استودعنا رمضاننا ربه عز وجل
فليتقبله منا القبول الحسن
ويغفر لنا تقصيرنا وذنوبنا
فنستحق الفرحتين..
فرحة الإفطار بعد الصيام
وفرحة الجزاء من رب الأنام..
أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركات..
أعواما مديدة وحسابات سديدة