فخ الأربعين

Loading

حدثتني باحثة في شؤون الأسرة أن معظم حالات الطلاق أو الخيانة الزوجية أو الزواج الثاني تقع في فترة الأربعين يوماً التي تتبع الولادة.
حيث تعتزل المرأة حياتها الزوجية فتهجر زوجها وبيتها وتقيم عند أهلها أربعين يوماً.. في بيت عائلتها الذي قد تمنع ظروفه الزوج من الزيارة المريحة التي تمنحه الاستقرار العاطفي والنفسي.
وحقيقة لا أعرف لهذه العادة الغريبة أصلا.. فلطالما حدثتنا الأمهات والجدات عن جهادهن في بيوتهن عقب الولادة مباشرة، لأنه لا يليق بهن الاستلقاء للراحة في البيت الكبير بينما تقوم أم الزوج بالأعمال المنزلية.
لذلك كانت بيوتهن عامرة وبيوت غالبية النساء حاليا كرتونية آيلة للسقوط!!
وأنا لا أستكثر الراحة على النفساء ولكني استنكر إيقافها لزواجها أربعين يوماً.
والأربعون يوماً في علم النفس والاجتماع والبرمجة العصبية فترة كافية جداً لتغيير الطبائع والعادات..
فكيف يفوت المرأة المتعلمة نتائج غيابها عن زوجها وبيتها أربعين يوما؟
إن الزواج سكن وغياب الزوجة يجعل الزوج بلا مأوى، لذلك يلجأ لمأوى آخر يوفر له ما يفتقده من استقرار فيصفو ما كدره الهجر الممنهج.
لا تظني أيتها الزوجة أن هجرك لزوجك أربعين يوما بمباركة المجتمع حق لك.. بل هو عادة كسائر العادات التي لم ينزل بها الله من سلطان.. وتترتب عليها عواقب وخيمة. ولا يغيب عنك أبداً أن الهجر في المضاجع عقوبة فكيف يمكن أن يكون أثرها في نفس من لم يخطئ حين رغب في أن تكون له ذرية؟!
إن الأربعين فخ مشيت إليه برجلك تاركة زواجك عرضة لرياح الطلاق أو الزواج الثاني أو الخيانة بحسب أخلاق وتربية زوجك الذي أنت أعلم باحتياجاته وقررت تجاهلها أربعين يوما في أنانية عجيبة لن يدفع ثمنها سواك..
فلا تلومي الزوج إنما لومي حدسك كأنثى غابت عنها أهمية الزوج كمؤسس للحياة الزوجية وعمادها.. كما غاب عنها أن دافعه الأول للزواج كان رغبته في السكن لرفيقة تقدر احتياجه للصحبة والمشاركة والرفقة.
إن الزواج نظام شامل للحياة لا يتوقف بتوقف العلاقة الحميمة ولا يقوم عليها رغم أهميتها.. فمتى تدركن ذلك وتتوقفن عن الأنانية وتختصرن الأربعين يوما إلى عشرة على الأكثر لاستئناف حياتكن الزوجية الحقيقية بعدها؟
وتنتهزن إجازة الأمومة في تجديد الزواج والبيت وترميم ما أحدثته الأيام من صدوع؟
انني أوجه الدعوة لعلماء الدين والاجتماع والمهتمين بشؤون الأسرة لإعادة تقييم مرحلة غياب المرأة عن بيتها وزوجها بدعوى النفاس أربعين يوما والآثار السلبية المترتبة عليها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه خاصة في وقت شرعت فيه نوافذ الفتنة على بيوتنا وأشاعت وسائل التواصل الاجتماعي كل ما هو ممنوع ومحرم فجعلته سهلا متاحاً.

الخلاصة:
قال تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون.» (الروم 21)
فهل منحتن أنفسكن فرصة وفكرتن عميقاً في مقاصد الزواج الحقيقية ومقوماته؟