مدرسة خاصة

Loading

دعتني- السميّة – لحضور حفل تخرجها من الروضة فلبَّيتُ الدعوة وحضرتُ وأنا أمنّي نفسي بحضور حفل تخرجها من الجامعة.
وحين رأيتها ترفل في فستانها الأبيض أخذتني الأمنيات إلى حيث حفل زفافها – اللهم بلغني جميع أفراحها.
كان حفلاً جميلاً شعرت بالملائكة تحفُّه من كل مكان، حيث عبقت الأجواء بالبراءة .. ولفّت الألوانُ المكان الذي زينته ضحكاتُ الأطفال المبتهجين وذويهم الفخورين، رغم أن الحفل كان لتخريجهم من الروضة فقط..أولى خطوات التعليم وبداياته.
حاولت جاهدة أُسِرُّ حواسي وإبقاء عيني على المنصة، حين بدأت فقرات الحفل، إلا أن حركات فراشتي الصغيرة تأخذني إليها بين الفقرات والأغنيات التي كانت الصغيرة تقاطعها فتأتي راكضة لتحضنني ووالدتَها بين الحين والآخر.
أول ما لفت انتباهي في الحفل حضورُ الأهالي وغياب المديرة التي ناب عنها نائب أكاديمي عربي خاطبنا باللغة الإنجليزية دون ترجمة!
وإذا كان للمديرة عذر لتغيّبها عن الحفل، فلاعذر للنائب الأكاديمي الذي رطن بالإنجليزية لأكثر من ربع ساعة وبصوت خفيض لا يتفق مع مشاعر الفخر بالإنجاز والفرحة بالحفل!
أما مذيعة الحفل فحدِّث ولاحرج عن ملابسها التي لا تمت للتربية ولا تحترم الصرح العلمي الذي تقف فيه أمام جمع من أولياء الأمور المحافظين!
ثم بدأ توزيع الشهادات على الصغيرات بصوت موظفة (فلبينية) أرفقت عبارات الثناء مع كل اسم كأنْ تقول: الطالبة فلانة الفلانية متفوقة في اللغة الإنجليزية وهكذا، إلا أنني صُعقت حين قدمت طفلةً بقولها: أفضل راقصة!
راقصة!
ألا تملك الطفلة ميزة أخرى تميّزها أفضل من أن تُقدم بهذه الصفة التي نعتبرها معيبة ولا تمثلنا ولا تمثل المنطقة المحافظة التي يُقام الحفل على أرضها، حيث أن الغالبية الغالبة محجبات ومنقبات!
بصفتي تربوية، أجد أن ذلك معيبٌ جداً، وعلى المدرسة أن تراجع سياساتها ومعاييرها، خاصة فيما يتعلق بالمواهب والهوايات في هذه السن المبكرة وتوجيه الصغيرات إلى ما هو أفضل للطالبات في حاضرهن ومستقبلهن.
على حد علمي ..
إن المدارس الخاصة لايزورها موجهون تربويون، وهذه كارثة في حد ذاتها، فالتعليم ليس معارف ومعلومات فقط و إنما تربية وتهذيب وإحسان أيضا.
ويعلل عدم ذهاب الموجهين إلى المدارس الخاصة بقلة عددهم، فإذا كان الأمر حقيقيا فلتستعن الوزارة بالموجهين المتقاعدين، ولو على سبيل التعاون لسد هذه الثغور.
فلا يترك الأبناء – في المدارس الخاصة – عرضة للتغريب والتفريغ من القيم والأخلاق، فأي جيل ننتظرمن خريجيها؟
خاصة في ظل استمرار إضعاف مواد التربية الإسلامية والتربية الوطنية أو تاريخ قطر في نفوس الأطفال، إلى حد الكراهة والمعاناة – دون أدنى مبالغة!
فما أصعبها على النفس بطاقة العلامات وهي تزدهي بالتفوق في الإنجليزية والرياضيات والعلوم وتزدري بالتأخر في التربية الإسلامية واللغة العربية.
إن التعليم أمانة في عنق كل من ارتضى أن يعمل في مجاله، يسأل عنها يوم القيامة – وحمل الأمانة ليس سهلا، فأرجو من المسؤولين تكثيف الرقابة على المدارس الخاصة؛ لضمان جودة التعليم وتنشئة أجيالنا على القيم والأخلاق الإسلامية الحميدة والأعراف الاجتماعية السديدة والتحدث باللغة العربية الصحيحة، فهذا هو الجيل الذي يحمي دينه ووطنه.
إنها قائمة لا تنتهي من الشكاوى والملاحظات، بعضها يتكرر إلى درجة تشعرك بأن المسؤول لا يلقي لها بالاً – ولا يحاول معالجتها؛ لذا نرجو أن يلقى هذا المقال صدى مناسباً يعالج ضعف الرقابة عل المدارس الخاصة.

إضاءة:
لن أقبل أي اتصال يسألني عن اسم المدرسة لأن الحالة عامة وليست خاصة.
فقد قيل سابقا: من أَمِنَ العقوبةَ أساء الأدب.
وتخريج أفضل الراقصات من سوء الأدب الذي نبت في غياب الرقابة والعقوبة.