خواطر بدوية في العاصفة الثلجية

Loading

من نافذة شاسعة أطل على جبل جرجرة بمدينة الأصنام في الجزائر الرائعة، حيث تنخفض درجة الحرارة إلى تحت الصفر وترتفع أمتار الجبل لتتجاوز 1700 متر.
لا أرى إلا البياض النقي الذي يذكرني بقلوب كثيرة مرت بي أولها قلب زوجي الذي يفيض طيبة وحنانا.
بينما برودة الثلج القاسية تذكرني بنفوس مظلمة وأرواح باردة صادفتها ولم أتحمل معايشتها وكنت صريحة في الإفصاح عن مشاعري تلك، مما أورثني عداوة خفية تزيدني قوة وثباتا فلا يهمني من يتكلم خلفي ما دام عاجزا عن الكلام في وجهي.
أعود للمشهد المتناقض من حيث أخذتني الذكريات وأتأمل قدرة الله في هطول الثلج ليتراكم كتلال متباينة الحجم والكثافة تغطي اختلافات البشر وأذواقهم. أتأمل كيف يواجه الشجر هذه الظروف القاسية وحيدا لكن بثبات وصمود. أتأمل الناس وهم يغادرون مناطق الراحة والدفء ليتجولوا عبر أكوام الثلج غير مبالين بعواء الريح المخيف ولا تساقط الثلج الكثيف، وأتساءل عن المتعة في ذلك، ربما هي متعة لا تستوعبها بدوية قادمة من الصحراء.
لكني لا أنكر أنني استمتعت خلال هذه التجربة ببعض التفاصيل الصغيرة كاحتساء الشوكولاتة الساخنة أمام مدفأة تحرق الخشب لتفوح منه رائحة الشتاء.
مشهد سينمائي فاخر لطالما استوقفتني محاولة سبر رائحته وطعمه والآن أعيشه بتفاصيله تلك.
في رأيي هذه هي فوائد السفر الحقيقية فأنت تغير المكان لتعيش الزمان والعادات والناس ولتتكون لديك المعارف والخبرات. التي تتحول مع الوقت لذكريات جميلة تسردها على الأهل والأحباب كما أفعل الآن من خلال هذا المقال.

الخلاصة:

يقول عز من قائل:
“هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ” _ الملك(15)