زمن التحولات

Loading

متفقون جميعا على أن المهن مهما سمت، فهي مصدر للرزق ولاضير من حرص الإنسان وسعيه الحثيث للكسب الحلال، إلا ان طغيان المادة و تحوّل الراتب إلى هدف الإنسان الأوحد من مهنته هزّ ثقة الناس في بعض المهن السامية كالتعليم والطبابة.
فحين يتنازل المعلم عن مكانته السامية التي قاربت مكانة الرسل ليتحول إلى تاجر شنطة، ويتنازل الطبيب عن مرتبة الملائكة ليتحول غلى مندوب مبيعات فإننا نفقد ثقتنا بهم ونأسى على حالهم.
من المؤسف حقا أن أرى معلما يبحث عن الأجر الأعلى والكسب الأغنى على حساب العطاء المخلص والروابط الإنسانية التي يبنيها مع طلابه..
فيتنقل بين المؤسسات بحثا عن راتب أعلى أو البيوت بحثا عن أجرة للدروس الخاصة، بعدما قصر في العامة!
والأسف يتعاظم، حين أتعامل مع طبيب كل همه نسبته من مبيعات الأدوية، فيخدع مريضا وثق به ويكلفه ما لا يطيق!
لا أعيب الزمن وإن وصفته بزمن التحولات، ولكني أعيب التفريط في الأصول وتضييع الأمانات وقلب المعاني والحقائق تحت مسميات لامعة،
فالعيب فينا.
بشر متحولون نصدّر أخرين قابلين للتلون والتربح على حساب القيم والأخلاق.
في رأيي أن الحكاية بدأت منذ أخلّ الوالدان بمهمتهما الأساسية في الوجود وأوكلوا تربية الأبناء والتنشئة للخادمة والسائق مكتفيين بالوظيفة البيولوجية والتكاثر.
فكثير من البشر نقابلهم في أماكن متفرقة تجمعهم سمة واحدة هي المادية وتقديس المظاهر على حساب نبل الجوهر وجمال الروحانية، والله يستر من القادم.
لست متشائمة، ولكني أحكم على تجارب أخوضها بشكل دائم تحسرني (بلا أدنى مبالغة) على ما فقده هؤلاء الناس الذين لم يربهم أب نبيل ولا أم رؤوم.
بعضهم يظن أنه الأفضل؛ لأنه درس في الخارج ويرطن بلغة أجنبية وأغلبهم قفزوا على السلم الوظيفي فتقلدوا مناصب دون تدرج أوخبرة!
فكانت جهات عملهم تحدث أخبارهم.
وعن محاربتهم المخلصين ومن يفوقهم أخلاقا وأداء وخبرة.
أعتقد أن غياب التربية على أسس الدين الحنيف والعادات الحميدة والحضور البهي لتوجيهات والدين مهتمين هي السر فيما نراه من تحولات مخجلة في سلوكيات البعض.
فإلى الله المشتكى.

الخلاصة
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ”، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: “إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ”.