كيديّة !!

Loading

انتشر الأربعاء الماضي عبر برنامج «واتس آب» مقطع مصوّر من داخل العيادة الجلدية يتحدث فيه مريض (يبدو من لهجته) مواطن عن فراغ العيادة من الموظفين وخلوها من الناس، وأنه لم يجد رعاية واهتماماً. ورغم استغرابي من ذلك، لأن الازدحام معروف عن هذه العيادات، إلا أن الحرقة في صوته وجرأته على وزير الصحة بترديد «حسبي الله ونعم الوكيل» أكثر من مرة جعلتني أفكر في مدى واقعية هذا الفيلم القصير.. ولم يطل بي التفكير حيث نشرت صحيفة محلية بداية هذا الأسبوع خبر اعتذار صاحب الفيديو الذي لم يحفل بمسؤولة العيادة، وهي تحذره من مغبة التصوير بدون إذن مسبق، إلا أنه استمر في حشو معلومات كاذبة تشوه الواقع، وتنكر الجهود المبذولة ليضلل الرأي العام. ذهلت تماماً من جرأة البعض على الافتراء والكيد، وقد عانيت منها كمسؤولة أعلى المصلحة العامة. لقد ابتلينا بنوع من البشر يتفنن في الكيد ساهم الإنترنت ومواقعه كالمنتديات وشبكات التواصل الاجتماعية وتطبيقات الهواتف الذكية كـ «واتس آب» وغيره في نشر افتراءاته والمعلومات المغلوطة التي ينشرها ليتلقفها نوع آخر من البشر متعطش للشماتة والفضائح، ليساهم بدوره في نشر الكيد إلى نطاق أوسع دون وازع من دين أو ضمير أو حتى احترام للذات وحفظها من التعرض للمقاضاة، كما حدث مع الأخ (أعلاه).. وفي رأيي أن برنامج «وطني الحبيب صباح الخير» أحد هذه القنوات التي تساهم في هذه الظاهرة بفتح باب الشكاوى على مصراعيه دون التحقق من خلفيات الموضوع والاستماع إلى كافة الأطراف.. وكم من شكوى نسفت جهوداً مباركة بافتعال (شوشرة) غير صحيّة على هذا المسؤول أو تلك المؤسسة!!! قد يتسرع أحد عشاق هذا البرنامج بالرد قائلاً: إن البرنامج يتيح حق الرد على الشكوى أو الملاحظات السلبية التي ترد عبر الأثير.. وأجيبه: (بعد إيش)!!!؟ ومن سيتابع الرد؟ بل من سيصدقه؟ والأعجب فتح البرنامج المجال للشكوى نحو جهة معينة أكثر من مرة، حتى يبدو الأمر للعقلاء والمهتمين أنها حملة (مجانية)، وفي الإذاعة الوطنية، تهدم صرحاً يبذل مسؤولوه جهوداً مشكورة يشهد الواقع بنجاحها.. وفي أكثر من مجال، الأصل في البرنامج أنه فرصة طيبة للتعبير عن الرأي، استغلها البعض بشكل سيئ حتى باتت حقاً أريد به باطل!! ومن يظن أن كل شكاوى الأثير صحيحة فهو آثم!! فبعض الظن إثم.. على برنامج مثل هذا وضْع آلية تحترم جميع الأطراف، وتمنحهم فرصة متساوية في طرح الرأي والرأي الآخر بنفس المساحة و»نفس الوقت». من خلال تشكيل لجنة تقصي تستلم الشكوى أو الملاحظة السلبية من اسم حقيقي لا مستعار «تحت الهواء»، وتحقق فيها قبل نشرها والإساءة للجهات والمسؤولين نتيجة لسوء التقدير (كما تعذّر الأخ أعلاه)، بينما أرى الشكاوى الكيديّة سوء أخلاق وأدب، وغياب واضح للوازع الديني الذي يوصينا بصدق المناصحة، بل أوصى بالمستترة رغبة في الإصلاح وتغليب المصلحة العامة على الخاصة. وإن كان لا بد من إعلانها فيحب أن يكون ذلك في جو صحي يعلي مصلحة الوطن و.. الوطن فقط.. وأراهن على هروب الكيديين في حالة التحقق من الشكاوى وتقصي دوافعها قبل إذاعتها.. وعودة البرنامج إلى دوره الوطني (على حد علمي) الصحف المحلية تتيح فرصة متساوية ولا تنشر إلا بعد الحصول على توضيح من الطرف الآخر.. إلا إذا أبى.. ومن أبى فقد حرم نفسه ومؤسسته من حقها المشروع في عرض وجهة نظر توضح أموراً قد تكون غائبة عن الشاكي.. فلماذا لا تُعتمد هذه الآلية العادلة؟ إضاءة على الشاكي أن يتحرى الدقة في موضوع الشكوى ويقرنها باسمه الحقيقي، لأن صاحب الحق لا يخشى لومة لائم..