احتفل العالم في الأيام القليلة الماضية باليوم العالمي لحرية الصحافة، وبهذه المناسبة نشرت منظمة «فريدوم هاوس» الدولية غير الحكومية التي تجري تحقيقات سنوية منذ العام 1980 في مجال حرية الإعلام تقريراً مفاده: إن حرية الصحافة في العالم تراجعت إلى أدنى مستوياتها في 2013، وأحصت المنظمة 63 دولة «حرة»، و68 «حرة جزئياً»، و66 «غير حرة»، من أصل 197 دولة خضعت للدراسة. وحلت هولندا والنرويج والسويد في أولى المراتب في حرية الإعلام، أما كوريا الشمالية (197) فاحتلت المرتبة الأخيرة.. وتشير المنظمة إلى أن %14 من السكان في العالم فقط يصلون إلى صحافة «حرة»، أي شخص واحد من أصل سبعة. ولفت التقرير إلى أن %44 من سكان العالم يعيشون في مناطق لا تتمتع فيها الصحافة بـ «الحرية»، و%42 في مناطق تعاني فيها وسائل الإعلام «حرية جزئية». ما يهمنا في التقرير هو ترتيب دولة قطر التي جاءت ضمن الدول غير الحرة محققة المركز 152!!! والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: لماذا لم تحقق قطر مركزاً أفضل على الأقل على مستوى الدول الحرة جزيئاً؟؟ خاصة وإنها في عام 1995 رفعت الرقابة عن وسائل الإعلام وألغت وزارة الإعلام، كما أنشأت هيئات مستقلة تدافع عن القضايا الوطنية والخليجية والعربية والإسلامية، وتعكس التراث والأخلاقيات العربية والإسلامية، وتمثل الضمير الحي والانفتاح الذي تنتهجه دولة قطر؟؟ من خلال خبراتي في الصحافة لمدة تزيد عن العشرين عاماً وجدت أن هذه الإجراءات لم تتغلغل في عقول القائمين على الصحافة والإعلام، الذي ظل مأسوراً للمصالح الشخصية والمجاملة والعيب وغيرها من تابوهات المجتمع التي إن اتفقنا معها أو اختلفنا حولها فلها من السلطة ما يفوق القانون!!! فقد يحجب مقال لأنه تناول تصرفاً خاطئاً أو إجراء مغلوطاً صدر عن شخصية عامة لها ما لها في المجتمع، رغم الاتفاق على صحة ما جاء في ذلك المقال!! وفي رأيي أن هذا ما يؤصل الفساد ويعينه على التفشي والاستمرار جيلاً بعد جيل. فالمفروض أنه لا أحد فوق النقد وكل تصرف يبدر عن الإنسان عرضة للمدح أو الذم، فما بال الشخصية العامة تطلب مدحاً، وترفض قدحاً رغم استحقاقه.. ولكن كل مفروض مرفوض. على الصعيد الشخصي لا يزعجني حجب مقال لي فقد وطنت نفسي على أن الكلمة أمانة، وما دمت قد طرحت رأيي في مقال فقد خرجت الأمانة من ذمتي إلى ذمة أصحاب القرار، وبذلك أبرأ منها أمام رب العالمين. اللهم هل بلغت…اللهم فاشهد إضاءة قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه لشخص انتقده علانية: لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نقبلها منكم فهل بين ظهرانينا من هم أفضل منه حتى ينزه عن النقد؟؟؟