خواطر لا تسر الخاطر

Loading

نشرت وسائل التواصل الاجتماعي صورة لجمع من النساء الهنديات بزيهن التقليدي «الساري» يتبادلن التهنئة مذيلة بالتعليق التالي:

تأملوا الصورة جيداً،،

هؤلاء النسوة لسن خادمات!

بل هن عالمات فضاء

ساهمن في وصول الهند للمريخ

وسرعان ما استجبت لدعوة التأمل تلك لتنهمر خواطري على النحو التالي:

– الهند التي يعبد أغلب شعبها الأوثان والحيوانات حتى الفئران، والتي دعمت كيانها السياسي بالقنبلة النووية، وكيانها الاقتصادي بانتشار واضح وملموس في الخليج على سبيل الذكر لا الحصر تدخل الفضاء من أوسع أبوابه، لاعتزازها بحضارتها التي قامت على أساس مهترئ مع احترامي للشعب الهندي (كله)..

– في الصورة جمع من النسوة وقد ارتدين جميعاً الزي التقليدي «الساري» في رسالة واضحة للعالم أجمع باعتزازهن بتراثهن وهويتهن التي لم تعرقل تقدمهن على العالم الغربي الموهوم بالعظمة، ولو كانت الصورة ناطقة لاستمعنا إلى اللغة الهندية الصرفة دون الرطنة بأي لغة أخرى، تقديراً لحضارتهن واعتزازاً بأنفسهن.

جمع نسائي فخم أنجز تميّزاً أكثر فخامة، فطرق باب الفضاء ووصل إلى المريخ.

في سابقة تاريخية تسجل الهند كثالث دولة تقتحم ذلك الأفق البعيد.

– وحين التفتّ شرقاً وتحديداً إلى بلدي قطر أرى أجيالاً تتسابق في التنصل من حضارتها وهويتها وتراثها.. تحت تأثير الافتتان الممجوج بالغرب.

ففرضت اللغة الإنجليزية كقيد وشرط حرم المواطنين من دخول الجامعة الحكومية الوحيدة ليسرق حق الأجيال في التعليم الجامعي.. وحرم آخرين منهم من حقهم في التوظيف دون ذنب سوى عدم إتقان اللغة الإنجليزية تحدثاً وكتابة في تعنت عجيب لا لشيء، فقط لأننا عهدنا بمؤسساتنا للأجانب ومنحهم حق امتياز إدارتها، في اعتراف صريح بتفوق الأجنبي والحط من قدرات المواطن!!

بل حتى التعليم الأساسي لم يسلم من التغريب، ودعمت الإنجليزية كلغة مفضلة والمميز من يتقنها لتتوارى اللغة العربية خلف حجب الازدراء!!

وليت التغريب وعدم الاعتزاز بالتراث والهوية وقف عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى المظهر لتشن حرب على العباءة -مثلاً- لتحويلها على يد الدخلاء من زي يرمز للحشمة والستر إلى شيء آخر لا يمت للحياء والأدب بصلة تحت شعار التمدن والتحضر.. حتى صارت المحتشمة رمزاً للتخلف والموضة القديمة.. وسلبت المنقبة حقها في التوظيف والترقية فقط لأنها استجابت لفطرتها النقية!!

ثم أتى الهوس بالماركات وعمليات التجميل ليجهز على ما تبقى من الاعتزاز بالمظهر، لعله يستر جوهراً زائفاً ومضموناً فارغاً!!

جمع من النساء اجتمعن ليحققن إنجازاً مبنياً على الفخر بالانتماء لحضارة ما، والحرص على تجسيدها بالتمسك بالزي التقليدي واللغة القومية، بينما نساء المسلمين يهرولن صوب باريس وميلانو، ليتلقفن ما يتقيأ به مبتدعو الموضة التي تناقض تعاليم الإسلام صراحة، فصارت المولات صالة عرض (للي ما يشتري ليتفرج وببلاش)!!!

نساء المسلمين اللاتي إذا اجتمعن كانت النميمة والغيبة والخوض في الأعراض طعامهن المفضل إلا من رحم ربي.. وما آسف له أن الرجال صاروا ينافسون النساء على هذا الطعام الآسن إلا من حفظ الله فحفظه، حتى صرنا أضعف أتباع لأعظم دين!!!

هذا الافتتان بالغرب جعلهم يستضعفوننا ويملون شروطهم علينا في عقر دارنا، وعلى سبيل المثال لا الحصر انظر كيف تتعامل معنا سفاراتهم حين التقدم بطلب فيزا وكأن كل مسلم مجرم محتمل..

هذا واستثماراتنا تنعش اقتصادهم وترفع كسادهم!!!

إنها دعوة أوجهها لقومي لعلهم يفعلون:

ارفعوا رؤوسكم إلى أعلى… إلى حيث المجد والعلياء

ترفّعوا عن التشبه بالغرب واستلهموا رموز حضارتكم الإسلامية لتصلوا إلى الفضاء فذلك هو التحضر، وما عداه تقهقر لا تحمد عواقبه.