الأبناء نعمة ولكن

Loading

المتأمل في حياة الناس يرى عجباً، وخاصة في أمر الذرية وإنجاب الأولاد.. وتحديداً النساء، حتى بالغ البعض بوصم المرأة التي لا تنجب بالنقص وعدم اكتمال الأنوثة والكينونة.
وعلى الرغم من أهمية الأولاد في حياة الإنسان التي بلغت حداً تهدم البيوت من أجلها، وتقام أخرى، بل ويعاقب

العقيم بالهجر والنفي خارج الحياة الزوجية وارتكاب المظالم بحقه دون اعتبار لعقاب الدنيا والآخرة.
إلا أن تحويل إنجابهم إلى عملية بيولوجية بحتة يتكالب عليها الوالدان طبيعياً أو مخبرياً، دون إعداد العدة الحقيقية

لرحلة العمر معهم بحسن التربية وجودة الرعاية، أمر خطير يحتاج إلى وقفة حازمة، وإعادة تقييم جذرية لدور

الوالدية الذي أساؤوا إليه كثيراً على يد من يبحث عن الكمية باعتبارها عزوة، والتغافل عن الكيفية، رغم أنها كل ما يعنيه أن يكون المرء والداً.
أسألكم بالله
كم زوجاً شرع في القراءة وتطوير مهارات الوالدية لديه بمجرد البشارة بالحمل أو حتى الولادة؟؟
كم زوجاً هيأ الحياة للمولود الجديد تهيئة معنوية بالاطلاع والمعرفة والاستشارة كما يتسابق الأزواج في شراء

مستلزماته المادية من ملابس وغيرها؟؟
كم زوجاً اهتمّ بأن يقيم حفل استقبال مبهراً لمولودهما، وكأن أهميته تنتهي بانتهاء الأربعين ليتحول إلى مجرد

كائن يمارس العمليات البيولوجية لا أكثر، وليس مشروع إنسان يعوّل عليه كثيراً في أن يكون عضواً مميزاً في أسرته

فاعلاً ومؤثراً في مجتمعه؟؟
لطالما حلمت أن يواكب الاستعداد المادي لاستقبال المولود استعداد معنوي، يقام على أساس المسؤولية والالتزام، والرغبة الحقيقية في تنشئته تنشئة صحيحة وصحيّة على الأصعدة كافة..
فالمدارس ودور الأحداث تشهد بأن أغلبية غالبة تسير في اتجاه بعيد عن الدور العميق للوالدين في حياة أولادهما،

إلا من رحم الله..
أيها الأعزاء…
إن التكريم الإلهي للوالدين إنما اكتسباه من المسؤوليات الجسام والدور العظيم الذي يقومان به في حياة أولادهما،

فإذا أخلّا به تحول التكريم إلى تجريم، وانقلبت نعمة الأولاد إلى نقمة!!
ومن هنا وجب على الوالدين العمل على أن تكون تربية أولادهما تربية سليمة دينياً ودنيوياً هدفاً عظيماً، يبذلان

من أجله الغالي والرخيص، ولا يتركانهم كنبات شيطاني ينمو كيفما اتفق، فهذا وبال عليهم وعلى المجتمع، ووزر

عظيم يحملانه يوم لا ينفع مال ولا بنون.