الدوام لله

Loading

عدنا بالأمس إلى العمل بعد إجازة العيد الثرية بزمنها ومحتواها، فقد بدأت بآخر ثلاثة أيام في رمضان المبارك حيث العبادة تبلغ قمتها لتنتهي بسادس العيد حيث الأفراح تبلغ أوجها.
وحتما لا يحب الإنسان شيئا قدر ما يحب حريته والإجازة صورة من صورها، فينام قدر يشاء ويصحو وقتما شاء ويقضيها كيفما شاء. حتى أن البعض قرر هجر الأيام المباركة والسفر في ظاهرة غير محمودة.
فالليالي الأواخر والعيد مناسبات دينية في المقام الأول ويفضل تعويد الأبناء منذ الصغر على قداستها، وهجرها رسالة ذات مؤثرات سلبية على الأطفال تجعلهم يشبون على تجاهل كل ما تعنيه تلك المناسبات في سبيل اللهو والانشغال بالدنيا.
وأعتقد أن هذا البعض هو من (يطنطن) قبيل العودة إلى الدوام ويرسل شكواه في الأفق من العمل، وكأنه مرغم عليه لا نعمة تستوجب الشكر قائما وقاعدا.
كما أن هذه رسالة سلبية أخرى تزرع في الأبناء كره العمل واستثقال الدوام مما ينشر التسرب الوظيفي والبطالة المقنعة.
حين أفكر في حال هؤلاء (المطنطنين) أتساءل:
ما فلسفتهم الخاصة بالعمل؟
وأجد الإجابة أنهم (يداومون) من أجل الراتب فقط فيشعرون أنهم في سجن قيده ثقيل!!
لا يريدون العمل ولكنهم لا يستغنون عن الراتب، وهذه مأساة!!
فالعمل عبادة.. والدوام لله، وإذا احتسبت ساعات دوامك لله حصلت على أجرها وبارك الله في راتبك، وإذا خرجت من بيتك بنية عبادة الله من خلال منظومة متكاملة خاصة بالعمل كالأمانة والإتقان والحرص على الجودة والعلاقات الإنسانية المثمرة.
فأنت في سبيل الله حتى تعود.
هذه أمور تغيب عن المطنطنين، كما غاب عنهم أن العمل نعمة تفتقدها طوابير العاطلين عن العمل في أنحاء العالم الغني والفقير، هي نعمة تستوجب الشكر لتدوم، كما أنها ستزول بالطنطنة لا ريب في ذلك.
فإن كنت (تطنطن) بسبب بيئة العمل فغيّرها، وإن كان رئيسك ينغص عليك يومك فتفاهم معه أو اهجره مليا ولا تدعه يؤثر عليك في أداء الأمانة لله ورد الجميل للوطن.
وإذا فقدت شغفك بعمل ما فأبدله بخير منه، وكل ما أرجوه أيها المطنطن ألا تكون رئيسا أو مسؤولا فيتعلم مرؤوسيك منك الطنطنة وينقلونها لمن هم أدنى.
بالقطري الفصيح: احمدوا ربكم فالنعم زوالة.
وأعلموا بأنكم إن لم تقوموا بمهامكم الوظيفية على أتم وجه فرواتبكم حرام، ومن كان في جسده مضغة من حرام فلن يدخل الجنة.
فهل أدركتم عظمة الأمر وتوقفتم عن استسهال الموضوع وتحويلة إلى (نكتة سمجة) لا تضحك ولكنها تبكينا على هذه الروح اللا مسؤولة.
إن للعمل ثقافة وقيم ومبادئ، والمواظبة في العمل واجب لا يحق لكم التهاون فيه؛ لأن الدوام لله وهو محاسبكم عليه، فماذا أعددتم ليوم لا تتكلمون فيه إلا من بعد إذن؟.