الكاشفة

Loading

لو كان للأزمة الخليجية المتمثلة في القرار المتهور بفرض حصار جائر على قطر بسبب أكاذيب مفبركة اسم، فلن يكون أفضل من (الكاشفة)، حيث كشفت لنا عن الكثير من الأمور، بعضها معروف ولم يختبر، وبعضها غامض كشفته الأيام المتتالية.
ففي كل حين يسقط قناع، ليكشف عن وجه نذل وحقد دفين ومكر مشبوب، وقد قيل في الموروث إن في كل محنة منحة لا يعرفها إلا من كان مؤمناً بالقضاء خيره وشره، فيصبر على البلاء، ويشكر المنح الربانية التي ينطوي عليها..
فمن المنح الربانية الكشف عما وراء الأزمة، وهو كثير. وأهم ما تكشفت عنه الأزمة ما هو معروف للجميع، لكنه لم يختبر وهو معدن الشعب القطري وصلابته.. وفي اعتقادي أنه ما أفشل الحصار مبكراً، وخيب المراهنين على غير ذلك،
الذين ظنوا أن الترف أضعف القطريين، ويمكن إجبارهم على قبول ما لا يقبل، كتغيير نظام الحكم الذي فشلوا في القيام به عسكرياً، فراحوا يعبثون به إعلامياً وقبلياً.. حتى تحطم حلمهم البغيض على صخرة الواقع الساطع بأن قطر دولة ذات سيادة وشعبها لا يركع، إلا لمن أنعم عليه بتلك السيادة والاستقلالية، كما كشفت الأزمة أيضاً عن اللُّحمة المتشابكة بين مكونات الشعب العظيم، والتي ظهرت بقوة وجلاء حتى أثنى عليها سمو الأمير حفظه الله في خطاب النصر على منصة العالم.
فاللحمة الوطنية بين المواطنين والمقيمين أذهلت المحللين حتى وصفوها بأنها الحصن المتين الذي حفظ قطر من كيد الكائدين بعد الله عز وجل.. ثم تأتي فطنة وحنكة وبُعد نظر القيادة، أميراً وحكومة، كصمام أمان جنبنا ويلات الغدر وزوار الفجر، فلولا الله سبحانه وتعالى والخطة الاستراتيجية التي وضعت بعد سحب السفراء 2014، لكان الوضع سيئاً في عالم بات يتحول سريعاً إلى شريعة الغاب. فالحمد لله على استيعاب الأزمات وحسن إدارتها.
والآن نأتي على ذكر الوجوه الكالحة التي كشفتها الأزمة، ولن أمنحها شرف الإعلان، وإنما أريد لأهلي أهل قطر أن يتجاهلوهم، ولا يعطوهم وزناً لا يستحقونه، حتى بسبهم.
فالمنافقون والمتلونون وعبّاد المال لا يستحقون منا الالتفات إليهم، لأنهم اختاروا أن يكونوا في القاع، وأهل قطر أرقى من ذلك بكثير، لا مدحاً لهم، ولكنه واقع أثبتته الكاشفة، وعرفه عنا القاصي والداني.. فالذباب الإلكتروني والفنانون والشعراء والغاوون في وادي الخيانة والعمالة والذل يهيمون، وكل من باع الوطن بحفنة من المال الحرام سيكون وبالاً عليه في الدنيا والآخرة. وليتذكروا أن دولة الباطل ساعة، ودولة الحق حتى قيام الساعة، وكلٌّ حر في اختيار المعسكر الذي يمثل أخلاقه وسلوكه.
فالحمد لله الذي جعل قطر في معسكر الحق، الذي يعرضها لضغوط وابتلاءات لا حصر لها، لكنها ثابتة لا تتزعزع لإيمانها الوثيق بالله عز وجل، الذي أكرمها بالمكانة المحترمة والثقل المؤثر، نتيجة سعيها الحثيث لحل المشكلات، ورفع الابتلاءات، ونصرة المضيوم، حتى استحقت بجدارة أن تكون كعبة المضيوم، وستبقى كذلك كما تعهد سموه أمام العالمين، لن يتخلى عنها لكنه يمهل ولا يهمل..
أكتب هذه السطور، وأنا أشعر أن قطر حرة بعد تحطم حصار الفجار على صخرة صمودنا، وصدق ولائنا وأصالتنا، فالحمد لله حمداً كثيراً طيباً.. وأوصيكم بما أوصاكم به سمو الأمير الوالد، الثبات على الحق..