السدرة

Loading

الدوحة شجرة عظيمة الأغصان، فسيحة الظلال، يستظل بها كل من لفحه هجير الظلم والقسوة، وطردته رمضاء الأوطان المسلوبة.. فلا عجب أن اختار رب العزة والجلال هذا الاسم لعاصمة قطر كعبة المضيوم.
وإن كان هناك من شجرة تشبه قطر، فهي السدرة من وجهي نظري؛ فالسدرة شجرة ظل، جميلة، سريعة النمو، دائمة الخضرة، ذات جذع قوي، وأوراق كثيفة.. شجرة وارفة، رائعة الجمال، جذورها عميقة، ثمارها ذات قيمة غذائية عالية، ولها فوائد علاجية، فضلاً عن كونها تتحمل الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، والرعي، والرياح، والجفاف، والعطش، وارتفاع نسبة الأملاح في التربة.
وقطر في أزمة الخليج الحالية تقف بكل شموخ وعنفوان كالسدرة، تتحمل الارتفاع الشديد في درجات الحسد والغيرة وجفاف مشاعر الإخوة الأعداء، وارتفاع نسبة الظلم والتجني.
تقف شامخة دائمة العطاء، غنّاء، خضراء، وارفة الظلال لكل من أوى إليها وتربى تحت فيّها، ضاربة جذورها في عمق الأصالة، رافعة أغصان إيمانها نحو السماء، لم تهزها رياح الغدر، ولم تنحنِ لمؤامرات الفجر. يرمونها بحجر أخلاقهم السيئة، فتهديهم ثمار أخلاقها الحلوة.
وبعد مرور أربعة أشهر على أضحوكة الحصار، أستطيع القول إن أوجه الشبه بين قطر وشجرتها الأشهر كثرت واتضحت.. فطوبى لقطر وأهلها، والويل لمن اعتاد قذف الأشجار المثمرة بحجارة ظلمه وتجنيه، فعلى الباغي تدور الدوائر.. فلا يحيق المكر السيئ إلا بأهله!
وها نحن نشاهد غير شامِتين كل مكر مكروه لحق بهم، وكل حفرة حفروها وقعوا فيها، وكل مصيبة أرادوها لنا ودفعوا أموال شعوبهم ثمناً لها عادت عليهم وبالاً عظيماً!
فلا عجب من ذلك، وقد كان دعاؤنا منذ اليوم الأول للغدر أن يرد الله كيدهم في نحورهم، فاستجاب سبحانه الذي وصف نفسه بالقريب الذي يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، خاصة مَن ظُلم؛ فدعوته مستجابة، عهد من الله وميثاق غليظ.
فالحمد لله الذي اختار لنا أن نكون أهل الحق المنافحين عنه، نسأله أن يتم نعمته علينا، ويثبتنا على ذلك حتى نلقاه.