وفّه التبجيلا

Loading

سئل رئيس وزراء اليابان عن سر تطور بلاده فقال: لقد أعطينا المعلم راتب وزير وحصانة دبلوماسي وإجلال إمبراطور. تذكرت هذه الإجابة وأنا أقرأ سيل الرسائل الإلكترونية المتدفق عبر هاتفي الجوال من المعلمات القدامى اللاتي حولن سابقاً للبند المركزي أو الأمانة العامة أو التقاعد باعتبارهن فائضاً عن الحاجة.. ويجري حالياً إرغامهن على العودة بشروط تعسفية تمس حقوقهن المالية!!! وبصراحة لا أدري كيف تدار هذه الأمور الحساسة بهذه الصورة العجيبة، وكأن المسؤولين يتعاملون مع ملفات يحركونها وينقلونها من رف إلى آخر بقصد الترتيب والتزيين، غافلين عن أهمية المعلم القطري/ المعلمة القطرية من أهل الخبرة كامتداد استراتيجي لتعليم وطني مميّز، ووجوب التعامل معهم ككنز لا كسقط المتاع.. متغافلين عن كرامة موظف أهدرت بقرار تعسفي نتج عنه الركن على الرف وكأنه لا قيمة له… لكن المشاكل الإدارية تنتج عن سلسلة أخطاء وقرارات غير مدروسة، ويصعب التعامل معها بالتقادم.. فتحويل هذا العدد من التربويين للبند المركزي أساء لهم وصوّرهم وكأنهم لا حاجة لهم، مما أثر في نفوسهم تأثيراً بالغاً، وبالتالي تأثرت توجهاتهم نحو مؤسسة التعليم والقائمين عليها، وبمرور الوقت وفشل النظام الجديد ومشكلاته المتفاقمة تولّد في نفوسهم رفض قاطع للعودة والانضواء تحت هذا اللواء مجدداً.. ونحن إذ نشكر من فكّر في حل مشكلاتهم أخيراً، لأنه وإن وصل متأخراً أفضل من ألا يأتي أبداً!! كما ظننا، وبعض الظن سوء، فإننا نتطلّع لحلول تداوي الآثار النفسية العميقة، ولا نزيد الجراح عمقاً، كما تحكي تلك الرسائل الإلكترونية.. إن الضغط على المعلمات بالعودة جبراً إلى التعليم في نظام مهلهل لا يجوز، وذلك لتأثيره السيئ على الطالبات، فليس أسوأ من معلم لا يرغب في التدريس، خاصة أنه لا يملك أدوات التعليم الجديد!.. وليس أسوأ من إحساس معلم بالمهانة رغم مهنته السامية وأثرها المباشر في تطوّر البلاد وتقدمها.. إلا أن من ترفض العودة احتراماً لنفسها وقدراتها تحوّل إلى التقاعد وتخصم مستحقاتها المالية خصماً يضرّ بها وكأنها معاقبة!!! ألا يكفي خصومات البند المركزي!!؟؟ وفي حقيقة الأمر المعاقب هنا سيكون طلابنا وطالباتنا وكأنهم (ناقصون)، لذلك يجب إعادة النظر في الجبر والإلزام، لأنه لا ينفع.. وأعتقد أن هذا تصرف لا يليق بقطر التي تتطلع للتقدم والصدارة في ظل رؤية تقوم على تقدير التعليم. الواجب على المسؤولين طرح خيارات أوسع لكل المغبونين الذين تعرضوا لظلم التحويل للبند المركزي بناء على قرار شخصي أو ارتجالي من مسؤوليهم، ومن ضمنها إعادة إحلالهم في مؤسسات وهيئات الدولة والشركات الخاصة تنفيذاً لخطة تقطير معطلة.. فأهل قطر أولى بتلك الوظائف التي يجامل فيها الأجانب على حسابنا.. بالمناسبة من لا يزال ينظر لرواتب المدارس المستقلة بأنها رواتب عليا فلينظر لراتب رئيس الأمن في قطر للبترول، والذي يتجاوز راتب صاحب الترخيص فأيهما أحق بالتبجيل؟؟!! إضاءة حينما قرأت تلك الرسائل الإلكترونية جال في خاطري بيت شعر يقول: لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن… لا حياة لمن تنادي!! أتذكره دائماً حين يحدثني محدث عن مشكلات التعليم عندنا.