الهروب الكبير

Loading

إن
الإعلان المتكرر عن قطر أنها البلد الأغنى ومواطنها هو الأعلى دخلاً في العالم كان وبالاً علينا، وأثر سلباً على مجريات حياتنا، فربما كانت قطر فعلاً هي أغنى بلد بما حباها الله من نعم يعجز اللسان عن شكرها،
وأهمها تسخير القائمين على تلك الثروات للمحافظة عليها قدر الإمكان.

إلا
أن المواطن ليس الأغنى بالضرورة بل على العكس فهناك مواطنون تحسبهم أغنياء من التعفف يعيشون على حد الكفاف أو أدنى، وهناك مواطنون يعيشون على قدر الراتب الذي بالكاد يكفيهم حتى جاءت الخصومات الأخيرة لتحولهم إلى محتاجين يديرون حياتهم اليومية بالكاد.

هؤلاء
سقطوا سهواً أو عمداً من حسابات المؤسسات الخيرية وتركوا ليواجهوا القوانين المتقلبة والغلاء،
و
هؤلاء أنفسهم أصبحوا مطمعاً للداخل والخارج، وخاصة
مكاتب استقدام الخدم الذين جاروا ولم يجدوا من يردعهم، فطاشت فواتير الاستقدام حد السخرية، دون أن تحرك الجهات المعنية ساكناً.

ولأن
الخدم شر لابد منه لم يكن أمام المواطنين إلا الرضا بالمر، ولكن المر لم يرض بهم كما يقول المثل السائر، وتحولت جل مكاتب الاستقدام إلى بؤر نصب واحتيال، واستهدفت الكفيل في ماله وأمنه.

فما
يحدث الآن على نطاق واسع يحتاج إلى وقفة حازمة للحد من الآثار الخطيرة التي تطول المجتمع بأكمله، وأعتقد أن كل بيت في قطر تعرض لخدعة 3 شهور، وهي فترة ضمان المكاتب للخدم، ومن بعدها يصبح الكفيل هو المسؤول عنهم، فجل المكاتب ترسل الخدم إلى بيوتنا وقد أقنعتهم بأن يصبروا ويصابروا فترة الضمان ثم يفعلوا ما يحلو لهم بعدها، ولا يحلو لهم إلا الهرب إلى الشارع حيث التكسب غير المشروع غير عابئين بشيء، فالكفيل هو الخسران رغم أنه لم يخطئ أو يقصر.

الهروب
المتكرر والكثير الذي يعاني منه أغلب البيوت يحتاج إلى وقفة صارمة تكون عبرة لمن يعتبر وتوقف من تسول له نفسه النصب والاحتيال عند حده..

لابد
أن تتدخل الجهات المعنية لحماية الكفلاء من شر أريد بهم ومخططات مدمرة للمجتمع قبل الفرد.

فحجم
الهروب شجع على ظهور بعض المكاتب الطفيلية التي (تلم) الخدم من الشارع أو تخبب بهم عبر حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لتعيد إرسالهم إلى البيوت الآمنة ليعيثوا فيها الفساد..

فهل
من أمل يرجى وإجراءات تنصر الكفيل، أم سيبقى محتاجاً يرتدي ثوب الأعلى دخلاً في العالم؟.

ختاماً
هذا موقف حدث أثناء كتابتي المقال، أهديه للجهات المعنية، لعل وعسى،
عادت أسرة مكونة من أم وأطفالها الذين لم يتجاوز عمر أكبرهم 10 سنوات وأصغرهم السنتين إلى البيت مساء الجمعة بعد قضاء يوم عائلي في بيت الجد والجدة لتفاجأ بحريق في المطبخ، والخادمة قد تهيأت للهرب بالتزين وارتداء ملابس الخروج مع حقيبة ثياب صغيرة، وحين بادرت الأم بإطفاء الحريق حاولت الخادمة عرقلتها بالتظاهر بالخوف والتباكي.

السؤال: ماذا لو تفاقم الحريق ليطال الحال والمال لا قدر الله؟

هذا للعلم وشكراً.