في أوائل الثمانينيات أحدث عالم النفس الأمريكي Howard Gardner زلزالاً بنظريتهMultiple Intelligence محطماً بها جمود نظريات الذكاء السابقة، التي حددت التواصل اللغوي والتفكير المنطقي كدليلي الذكاء الوحيدين والمعتمدين في اختبارات الذكاء التي تعرف بـ (IQ).
فكم من الضحايا ذهبوا فداء لقصر الذكاء الإنساني على هاتين القدرتين، وكم من المحظوظين تألقوا حين دخلوا العالم من بوابة الذكاءات المتعددة، لقد أوضح العالم غاردنر في نظريته أنه من خلال الأنشطة والمواقف المختلفة للطفل في مرحلة ما قبل المدرسة يمكن أن تلاحظ عليه مهارات تحدد نوعية ذكائه، فالطفل الماهر في بناء العلاقات بين الأشخاص يتمتع بالذكاء الاجتماعي، بينما يكون لدى طفل آخر ذكاء رياضي، وآخر ذكاء لغوي، واضعاً ثمانية أنواع للذكاء مما أدى إلى إعادة النظر جذرياً فيما يتعلق بالذكاء وآثاره على الحياة عامة والتعليم تحديداً.
كما أكد على وجود العديد من القدرات العقلية المستقلة نسبياً لدى كل فرد، أطلق عليها ”الذكاءات البشرية” حدد في كتابه ”الأطر العقلية”، ”Frames of Mind” خصائصها وسماتها، فكل ميسر لما تفوق فيه وأبدع، سبحان الخالق الأعظم.
وفي رأيي أن القول السائر: خاطبوا الناس على قدر عقولهم يستجيب لهذه النظرية، حيث يتحتم علينا التعامل مع الناس بناء على نوعية ذكاءاتهم ولا نتصرف مع الجميع على أنهم واحد كما كان الحال قبل هذه النظرية المنصفة.
وأجد أنه يتوجب على الإنسان بأدواره المختلفة كالوالدين والمعلمين بل حتى الرؤساء والمديرين أن يتقنوا هذه النظرية ويعتمدوها كأسلوب عمل يتحكم في إدارة حياة الأبناء والطلاب والمرؤوسين وأعمالهم والعلاقة بينهم، ففهم الاختلاف بين الناس ومعرفة الفروق بينهم من خلال نوعية ذكائهم يسهلان الحياة اليومية ويغنيانها، ويثريان العلاقات الإنسانية ويقويانها.
كما أنه من المهم معرفة الإنسان لنفسه والذكاء الذي يميزه ليستثمره، فيبني حياة ناجحة وعلاقات أكثر نجاحاً، فأنا مثلاً ذات ذكاء لغوي تفاعلي، فماذا عنكم أنتم قرائي الأعزاء؟،
ابحثوا عن ذلك، وادعموا النتيجة التي ستصلون إليها، لأنها ستغير الكثير مما اعتدتم عليه.. تمنياتي للجميع بحياة طيبة.