أتوقف دائماً عند هذه الآية الكريمة – من سورة الكهف
“وَرَبُّكَ ٱلْغَفُورُ ذُو ٱلرَّحْمَةِ ۖ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا۟ لَعَجَّلَ لَهُمُ ٱلْعَذَابَ ۚ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا۟ مِن دُونِهِۦ مَوْئِلًا”.
فقد كنت أتساءل دائما حول الفسدة لم لا يأخذهم الله بما كسبت أيدهم أخذ عزيز مقتدر، فيأتي الجواب من خلال هذه الآية التي تنشر الاطمئنان في نفوس البشر الذين يعانون الأمرين من الفساد ومن يقترفه ليلاً ونهاراً غير عابئ بالعباد وربهم، الذي يتوعد الفاسدين وعداً قادماً لا محالة وهو على ذلك قدير.
فالفساد نذير شؤم يلحق العذاب والسخط بالأمم التي تواطأت مع المفسدين وقبلت صوره المنتشرة ورائحته النتة التي أزكمت الأنوف وأوجعت الغيورين على الوطن والمواطن، أولئك الذين يحاربونه بإخلاص فيعاقبون ويتم التضييق عليهم.
إن محاربة الفساد واجب على الجميع وهو رد جزء من الدين لهذا الوطن المعطاء، هذه حقيقة يؤمن بها الأنقياء الذين يتحرون العون الإلهي والتوفيق الرباني لما فيه خير البلاد والعباد، فالمتفق عليه أن إحقاق الحق واجب على كل مسلم ومسلمة، وإلا حق الدمار على الجميع.. ولكن يبقى الأسلوب هو موطن الاختلاف، وسبب الاختلاف والنقمة.
فالبعض يخونه التعبير والتدبير فيتحول من محارب للفساد إلى واقع فيه بسبب بذاءة الأسلوب وفحش الكلمات، وأحياناً اختلاق الأحداث وغيرها من الأمور التي تضعف الحجة وتبطل البرهان، لذا عليه أن ينتبه ويتدارس معي هذه الحكمة من الحكم التي التقطها من هنا وهناك، قول مفاده: “إذا رأيت الرجل يدافع عن الحق فيشتم، ويسب، ويغضب، فاعلم أنه معلول النية؛ لأن الحق لا يحتاج إلى هذا، يكفي الحق أن تصدح به، حتى يستجاب له”.
نعم الحق يكفيه الإعلان والدفاع الشريف عنه لتستجاب دعواه، فالحق أحق أن يتبع.. أحسنوا اختيار الأسلوب ليستجاب لكم، هذه دعوة أوجهها لجميع المخلصين المناصرين للحقوق المكافحين للفساد بكافة أنواعه أن يعتنوا جيداً باختيار وسائلهم في النصرة والكفاح حتى لا تأتي النتائج عكسية على الجميع، فالنوايا الحسنة لا تكفي أحياناً.
أما المفسدون من أكبرهم الذي توغل في المال العام، حتى أصغرهم الذي بصم في مكان عمله وخرج ليكمل نومه في البيت فانتظروا موعداً لن تجدوا دونه تبديلاً ولا تحويلاً، حينها لا مفر من مواجهة ما كسبت أيديكم، فلن يدخل الجنة من كان في جسده مضغة من حرام، وهو حكم يطول من تعولون إن كنتم لا تعلمون.
اللهم هل بلغت.. اللهم فاشهد.