شعب الهبّة

Loading

منذ زمن وشعب هذا البلد الطيب يقدم مؤشرات على أنه شعب هبّة، فعلى النحو الإيجابي يهب شعب قطر بمواطنيه ومقيميه؛ حين يدعو الداعي إلى حملة تبرعات وتقديم المساعدات داخل البلاد وخارجها. ويهب حين ينادي المنادي للتبرع بالدم أو لجنازة أحد ما مات غريباً وحيداً، بل حتى الدعاء يمكن أن يشارك في الدعاء الجماعي على وسائل التواصل الاجتماعي وبطرق إبداعية تثير الإعجاب.

ومن ناحية أخرى هناك هبّات سلبية مؤثرة بشكل سييء على المجتمع وأفراده، لأنها تأتي على شكل استهلاك بشع يدفع ناقصي العقل والدين للتقليد الأعمى، حتى يقعوا في شر أعمالهم.
فقد حذر الإسلام على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم – من التقليد الأعمى فقال: “حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه” في بلاغة وجيزة تنهى عن التقليد والاتباع.
فاقتناء الماركات، مثلا هبّة، وحين تسأل متوسطي الدخل ما لهم ولها ردوا ما يسير عليه المجتمع، ولا نريد أن نكون أقل بمعنى “المجتمع عايز كدة”.. وهو نفس رد مخرجي أفلام المقاولات الخالية من المضمون المليئة بالاسفاف، حين انتشر “الجمهور عايز كدة”.
تحول الشعب فجأة لعشاق القهوة والتغنى بها ليلا ونهارا هبّة!. الكافيهات ومطاعم البرغر التي أصبحت بعدد السكان إلا قليلا هبّة! العباءات التي لم تعد تحمل من الصفات إلا الاسم هبّة! تأثيث العزب والمخيمات بأثاث البيوت أو القصور في تصرفات لا تنم إلا على فراغ القلب قبل العقل هبّة.
بل إن تأليف الكتب – عمال على بطال- هبّة بغيضة وبعض تلك الكتب ذات أثر مدمر على الإرث الثقافي القطري حين دراسة نقدية مستقبلية! إن من ينضم للهبّات ويقلدها أو يتبعها، قبل أن يكون مجرد رقم في خانة الأرقام.. وافق ضمنيا أن يكون ضمن القطيع، مسلماً قيادته لمن يبتكر الهبّات ويروجها.

إن الله عز وجل يحب المؤمن القوي المستقل المبدع، ولا يحب المؤمن الضعيف الخانع التابع. فإذا كان سبحانه لا يكلف نفساً إلا وسعها، فما بالك أيها التابع لتكلف نفسك ما لا تطيق باللهاث وراء الهبات التي لن تنتهي ما دام الاتباع؟! فأين حقك أيها المقلد، وأين حق نفسك عليك، وقد حولتها إلى تابع ذليل لا يملك من أمره شيئا، فهذه هي حقيقة الأمر، ذاك هو حجمك وتلك هي حقيقتك، شئت أم أبيت.

أما من اختار أن يكون مستقلاً عن طوفان الهبات، واعتصم بحبل الاعتدال والاستقلالية، أصبح من القلة القابضة على الجمر، والتي تتعرض للتنمر والسخرية، وأجر اعتدالهم على الله، فالحق طريق أحق بالاتباع ولو قل سالكوه، فاللهم الثبات في زمن التقلبات.