البغلة العاثرة..

Loading

لم تصدق عيناي ماتناقلته الأنباء عن اقتحام الكونغرس
رغم أنني اطلعت على تغريدة المخبول التي يضرب من خلالها موعدا مع أتباعه لنشر الفوضى..

لكنني كغيري لم نتخيل حدوث ذلك وبهذا الشكل الغوغائي الذي يشبه ترامب في كثير من تفاصيله على أرض تحكمها المؤسسات لا الأفراد مهما علت كعوبهم.
لكنه حدث مما جعلني أتأمل حالة الاقتتال على الحكم التي تعددت صورها الدامية حول كرسي الحكم والسلطة المطلقة وكلاهما يمثلان للإنسان إغراء مابعده إغراء، فهذه الشهوة المضللة مذبح قدمت عليه نصبه ملايين القرابين، ماديا ومعنويا، وبشكل لحظي
منذ بدء الخليقة، وسيبقى هذا المنوال
حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
اغتيالات.. انقلابات.. ثورات.. من أجل الحكم والسلطة، فكم من كرسي نُصّب على جبل من الجماجم والحقوق المسلوبة والأحلام المجهضة.. ودفع من اعتلاه حياته ثمنا لتلك الشهوة المضللة، فخسر الدنيا والآخرة.
إن طريق الحكم مرصوف بحقوق العباد المشروعة، فمن سلبها أو قصر في منحها كان مصيره النار وبئس المصير، ولاحقته اللعنات حيا وميتا. فقد غاب عن المقتتلين على الحكم
والحكام قاطبة أنهم مسؤولون، وأن الله على جمعهم لقدير ليقفوا بين يديه فيحاسبوا حسابا عسيرا ليستقروا في جهنم.
إن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَار). ذاك وعد الحق ونحن به مؤمنون، والحاكم الظالم ليس وحده من سيسأل أمام الله وسيلقى في جهنم، بل كل حاكم لم يحفظ عهده ووعده، فغض بصره عن الحقوق المهدرة وترك لبطانته وسلطاته التنفيذية والقضائية المجال لتظلم بالنيابة عنه.

فقد أُثر عن أعدل حاكم في التاريخ الإسلامي عمر بن الخطاب أنه قال:
“لو عثرت بغلة في العراق، لسألني الله – أو قال: لخفت أن يسألني الله – عنها: لِمَ لَمْ تصلح لها الطريق يا عمر” ؟!.

فما بال بعض الحكام قد نسوا أو تناسوا القنطرة التي تحبسهم عن الجنة حيث يحاكمهم العباد على رؤوس الأشهاد..؟

فوالله.. لو تفكّرَ أي حاكم في قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته؛ الإمام راع ومسؤول عن رعيته،…)، لهجر الفراش الوثير رحمة بمفترش الحصير، وهجر الحصن رأفة بمن بات بلا سكن، وهجر المحسوبية رغبة في العدالة الاجتماعية، ولكن هل يعي السكران بنشوة الحكم مايدور حوله ومايعانيه شعبه؟

لاندري… ولكن الله يدري، فعنده تلتقي الخصوم.