جائحة الحيرة!

Loading

مما لا شك فيه أنه بالعلم تبنى الحضارات، وتقام الدول الناجحة، ويخلق العلماء والمبتكرون، لذا كان التعليم هما مواكبا لما يطرأ على هذا الكوكب من كوارث طبيعية أو أخرى اقترفها شياطين البشر، الذين لم يلامس العلم قلوبهم ولم تتشبع به عقولهم.
التعليم فوق الجميع بما في ذلك المصائب والكوارث، ومن الذكاء الاستراتيجي وضع خطط تنقذ النظام التعليمي من الاثار المتوقعة لأي كارثة.
فالاعتماد على الارتجال مأساة تجرعناها على مضض، لكننا لن نقبل باستمرار الارتجال والتجريب الذي اعتدناه من هذا النظام.
فمنذ فترة فوجئنا بتعاميم منشورة هنا وهناك حول آلية العام الدراسي الجديد 202‪0-2021 الذي سينطلق بعودة الموظفين في 19 أغسطس ليكتمل بعودة الطلاب في مستهل سبتمبر كالعادة، فسبتمبر شهر العودة للمدارس في العالم أجمع حيث تعم الفرحة في الارجاء فعيد العلم ليس كباقي الأعياد.
التعاميم المنشورة تسببت في انتشار جائحة الحيرة في المجتمع الذي ينادي فلا يسمع صوته، ويقترح فلا يرد عليه!.
وأستغرب بدوري من هذه الاجراءات العجيبة التي تصدر عن نظام “يدير تعليما مصنفا كواحد من أفضل التعليم في العالم”، لكنه يعجز عن مخاطبة المجتمع بوضوح ينم عن رؤية عميقة واستعدادات حقيقية لا مرتجلة.
يا جماعة..
الوضع المقترح لعودة الطلاب يحتاج إلى حملة إعلامية شاملة ومتواصلة تبدأ بمؤتمر يقيمه المسؤولون عن هذه الخطة، وشرحها شرحا وافيا ويفتح مجالا للسؤال والاستفسار،
ولا تتوقف حتى يطمئن الجميع على سلامة الخطة وفائدتها الحقيقية، وحتى يثق الجميع في هذا الوضع الجديد عليهم، ولضمان استفادة ابنائنا الطلاب منه استفادة تامة.
فالتعليم بالذات ليس مكانا للبطولات الزائفة لأنه مستقبل هذا البلد.
فالتمترس خلف المكاتب وإرسال التعاميم والتصريحات في الأجواء تصرف لا يتفق مع تقدم التعليم في البلد.
وهذه السمعة العالمية التي جعلت المسؤولين يظنون أن كل ما يقترحونه معجزة لذلك يتفردون في القرار، فلا استئناس برأي ولا اطلاع على تجارب الآخرين الذين يعملون على أرض الواقع بجد وإخلاص، ينتظرون الجزاء من الله لا من منظمات التقييم العالمية.
ومن تجارب الاخرين التي ينبغي اعتمادها تجربة من اهتم بأولياء الأمور وأشركهم في صنع هذا القرار المصيري، بطرح استبيان يعين الجميع على الوصول إلى أفضل الحلول وجاء فيه:
أي البدائل أفضل
– الذهاب إلى المدرسة بشكل يومي مع تقليل الكثافة الطلابية وأخذ الاحترازات الصحية اللازمة.
– تحديد صفوف ذات أولوية تربوية لذهاب طلابها إلى المدرسة وبقاء طلاب باقي الصفوف في المنزل للتعلم عن بعد.
– بقاء الطلاب في المنزل والتعلم عن بعد خلال الفصل الدراسي الأول والعودة إلى المدارس خلال الفصل الدراسي الثاني في حالة ضعف أو تلاشي الجائحة.
– الجمع بين ذهاب الطلاب إلى المدرسة لبعض الأيام والتعلم عن بعد في أيام أخرى.
استبيان يطرح بدائل ولا يفرض بديلا، يستأنس بآراء الجميع ويشركهم في صنع قرار مؤثر في تعليم أبنائهم، وهذا الأصح والأفضل.
وأجد أنه احتراما للسمعة الدولية لقطر التي “تعتبر دولة متقدمة في مجال التعليم” اعتماد التعلم عن بعد، حتى يفرجها الله والعمل على الاستفادة من الأخطاء السابقة، وتوفير الدعم اللوجستي لإنجاحه، حتى تنكشف عنا جائحة كورونا ليعود الجميع للحياة الطبيعية آمنين مطمئنين، فصحة أولادنا مقدمة على تعليمهم، وتعرضهم للعدوى ليس مقبولا تحت أي تبرير.
خاصة أن منهم (تحت ١٢ سنة) أي طلاب المرحلة الابتدائية، ما زال تحت الحجر المنزلي لا يخرج ولا يخالط، فكيف نرسلهم إلى المدارس بين ليلة وضحاها، وهي بيئة تجمع عددا لا يستهان به من الناس، واحتمال العدوى وارد جدا وغير مستبعد أبدا.
فقليل من التخطيط والتدبير – يا مسؤولين – يرحمكم الله.