لا أستطيع أن أفهم ما هو الفرق بين القاضي وهو يصدر حكم الإعدام على مذنب، والطبيب الذي يرهب المريض وأهله بإصدار حكم الإعدام على بريء، خاصة اذا كان المريض مولودا جديدا.
بهذه الكلمات استهلت صديقتي فضفضة متخمة بالألم والأمل.
وأكملت:
عشت مؤخرا موقفا صعبا، حينما اتفق الفريق الطبي على أن مولودتي لن تعيش، وعمرها يتراوح بين أسبوعين وثلاثة أشهر فقط.
خلال اجتماع عابق برائحة الموت والثقة العمياء الممزوجة بالغرور، في نفوس موظفي الصحة الذين لا أراهم يستحقون مرتبة الطبيب الانسانية.
مجموعة من الهواة بدءا من الاستشاري الذي خان الثقة انتهاء بالاخصائي الجاهل الذي يكرر جملتين كحافظ لا واع!.
والحمد لله أنني لم أستسلم للثرثرة الجوفاء، بل استعنت بكل ما استطيع في ظل هذه الظروف الوبائية الصعبة، لأرى مولودتي الجميلة تترجم عبارة: “قدر ولطف”.
وبالدعاء الذي يصارع القدر أحارب من أجل طفلتي، التي تكافح بدورها تشخيص أطباء لا يمكنني مسامحتهم، بسبب ما كالوه لي ولطفلتي من إهمال وقلة اكتراث!.
علما بأن حالتنا ليست سابقة، وإنما هي تاريخ أصيل لن تمسحه المنشآت الفاخرة،
فابتلاء الكثيرين في العنصر البشري الذي يقلل من أهمية الخدمات الصحية ويؤثر سلبا عليها.
إن الدولة التي رصدت الميزانيات الضخمة للصحة، وترجمتها من خلال مشروعات كبرى، لا يضاهيها شيء في العالم، لن يعجزها توفير الكادر البشري
لتقديم خدمة طبية بالمستوى ذاته.
يا جماعة الخير..
هل يعقل أن يعجز بعض الاطباء والطبيبات رغم كل ما تنفقه الدولة على تدريبهم وتطوير مهاراتهم عن توليد امرأة؟!.
هل يعقل أن يخون الاستشاري أمانته، ولا يحيط مريضته علما بما تحمله، ويتركها لتمر بشهور حمل صعبة، ثم قيصرية ثم صدمات متوالية ناتجة عن تخبط وجهل وتصرفات تستوجب الشكوى والعقاب؟.
حسبنا الله ونعم الوكيل في كل مقصر، جعل من عملية الولادة ممرا إلى قلق الموت، بدلا من فرحة الميلاد.
اللهم إنا نشكو إليك كل طبيب أو طبيبة قصروا فزرعوا الحصرم، وتركوا الامهات يضرسن وجعا وحسرات.
واختتمت الصديقة الموجوعة كلماتها بدموع ساخنة تشكو ظلما وتقصيرا.
ختاما..
يا صديقتي
اجمعي أدلتك ووثقي تجربتك والجئي إلى القضاء، لينال المقصرون جزاءهم، ويكونوا عبرة لمن يعتبر.
فما كان ربك بظلام للعبيد.