يكاد يكون الموت والميلاد هما الحقيقتان البارزتان في الوجود بشكل لحظي.. فهما خلاصة الحياة التي تتكون ما بين قوسيهما.. والعاقل من أدرك ذلك العمق وعاش به لتتجود حياته فيكون إنساناً ذا قيمة.
أقف اليوم بين ذكرى الموت والميلاد.. فغداً تمر ذكرى رحيل والدي قبل ربع قرن، وهي ذكرى حزينة مهما تقادمت السنوات ومرت الأعوام.. فالموت يخلّف حزنا هائلا يتلاشى مع الأيام إلا حزنك على والد أو مولود فإنه حزن عميق أصيل يتجدد كل عام، فعلي والدي السلام وهو في كنف الرحمن.
واستذكر في هذا المقام قصيدة خطها الرائع إيليا أبو ماضي في رثاء والده وما كنت لأكتب أجمل منها لو امتلكت أدواته..
طوى بعض نفسي إذ طواك الثّرى عني
وذا بعضها الثاني يفيض به جفني…
على ذلك القبر السلام فذكره
أريج به نفسي عن العطر تستغني…
رحم الله والدي وجزاه عنا خير الجزاء
أما ذكرى الميلاد، ففي يوم قريب من غد تحل ذكرى ميلادي
التي تثير بداخلي مشاعر مختلطة متحدة تارة ومتناقضة تارة أخرى.. ولا يدرك قيمة ذكرى الميلاد إلا من آل على نفسه
أن يقوم باتخاذها موعدا سنويا للحرد والتدقيق والمحاسبة
على الأيام التي مرت كيف انقضت وماذا انتجت؟
وعلى الأيام القادمة ماهي خطتها وكيف ستكون؟
وفي ذلك يقول الشعر على لساني:
يا يوم ميلاد روحي طبتَ لي أملاً
يخط في عالمي أبهى العناوين…
اليوم سافرت في أمسي فلاح على
وجهِ الزمانِ شذى مسكٍ ونسرينِ
جميلةٌ هذه الدنيا بما صنعت يداكَ
إن عشت َفيها غير مسجونِ
وطرتَ في كل أرض الله عاشقةً
حروفُ فنك أرواح الميامينِ
وكنتَ بالحب تحيا، والزمانُ
بلا حبٌ فيا غربة الإحساس عزّيني
فالحرية والعشق والإبداع ثالوث مقدس يشكّل عالمك ويرسم خطوطه على وجهك حتى يكاد ينبئ بعدد السنين والحساب..
فخورة بما أنجزت كلما التفت إلى الوراء وتمعنت فيما عشت.. سعيدة بما حققت على الصعيدين الإنساني والعملي
والأهم أنني عملت وما أزال أعمل على أن أترك أثراً طيّباً
بعد رحيلي يبقى خالدا في ذاكرة وطني وأحبابي..
سائلة الله عز وجل أن يجعل الحياة زيادة لي في كل خير
ويجعل الممات راحة لي من كل شر.
ختاماً:
تذكر “إذا لم تزد شيئاً على الحياة، كنت زائداً عليها”
فاجتهد لتكن ذا أثر وقيمة في الوجود فيكن
ميلادك وموتك حقيقتين بارزتين في الوجود.