لا شك أن أزمة كورونا بتداعياتها المتفشية هي الأخطر منذ وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها وسيذكرها التاريخ كمفصل حدثي.
فقد هزّت البشرية مادياً ومعنوياً، واستهدفت الإنسان ومقدراته مما جعلها مصدرا متدفقا لمشاعر سلبية فتّاكة كالخوف والقلق والوساوس المحبطة.
ولا يخفي عليكم أن الخوف يدمر الأمان ويعرقل الفهم، لذا ينبغي على الإنسان أن يعي الأبعاد ويفهم الآثار حتى يتصرف تصرفات صحيحة تحميه وتحمي غيره ممن يعيش معه، وهذا لن يتأتى إلا بالإيمان العميق بالله عز وجل وقدرته المطلقة على إدارة الكون.
صحيح أن الجميع يردد: بأنه مؤمن بالله ومسلم منقاد له إلا أن هذه الأزمات تتوالى كل حين كاختبار حقيقي لهذا الإيمان.. وذاك الاستسلام.
فالإيمان العميق يولّد طاقة إيجابية كموجات تهدئة للروح وتسلية النفس وإراحة الجسد.. فالله خالق الإنسان ويعلم عنه ما لا تعلمون.
فلو جئنا لأزمة كورونا تعتبر ردود أفعال البشر متسقة مع الطبيعة البشرية خاصة أن حياتهم على المحك.
ولكن التطرف في المشاعر وإفلات النفوس من عقالها يضر بالإنسان نفسه قبل الآخرين، فتجنب الاحتراق النفسي بوضع حدود آمنة وصارمة لتجنب الإرهاق مع تخصيص وقت للاسترخاء بالصلاة وللتأمل ولليوغا، هي الطرق الصحيحة لعبور المرحلة بسلام.
فمن الوعي اتباع التعليمات والإجراءات الاحترازية لا الأخبار كأعداد المصابين والوفيات فهي لن تزيدك إلا هما، فمالك والهم والبحث عن أسباب، فمنظمة الصحة العالمية توصي بأن من ليست له علاقة مباشرة بـ فيروس كورونا عليه أن يبتعد عن أخباره، لأن الإفراط في متابعة هذه الأخبار يشل قدرتك على ممارسة حياتك اليومية، ويسبب تدفق الغضب واضطرابات النوم والاكتئاب.
فابق على اطلاع من خلال مصادر موثوقة ضمن حدود الوعي والمعرفة اللازمة لا أكثر.
عليك بصياغة حياة سليمة بين أربعة جدران كأن تخلق شعورا بالحياة الطبيعية والإنتاجية من خلال القيام بمهام محددة خلال يومك.. وعش كل يوم على حدة، ولا تنس المستقبل بمعالجة المشاريع المؤجلة للتغلب على الضيق
والملل وإبقاء الذهن مشغولا بما ينفعك وينفع الناس، لترتاح تذكر دائما أن هذه الإجراءات مؤقتة ولست وحدك الخاضع لها.
فاعمل على دعم جسدك (درعك القوي) في مواجهة كافة الأمراض، فهذه هي أهم واجباتك على الإطلاق وليس في هذه الفترة فقط.
اخرج من دائرة تركيزك على نفسك بالتطوع لمساعدة الآخرين، فالاستغراق في دعم المحتاجين والتخفيف عنهم يجعلك تشعر بمشاعر طيبة تسعدك وتخفف عنك وطأة المشاعر السلبية.
ومن تجربتي الشخصية في الحجر المنزلي للتخفيف من الآثار السلبية للأزمة وجدت أن البقاء على اتصال مع الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي يكسر حواجز الحجر ويفتح حدود الحرية فلا تشعر بقيود الحجر ومتاعبه.
كما أن متابعة التلفزيون بما يقدمه من قنوات مفيدة وبرامج مسلية تساعد على كسر جدران الملل لو تطاولت، ولا ضير من متابعة ما تحبه من مسلسلات وأفلام ولكن لا إفراط ولا تفريط.
تذكر دائما أن تقليل مطالعة الأخبار السيئة ومتابعة جدل وسائل التواصل الاجتماعي يجنبك الشعور بالإرهاق النفسي وسينعكس بشكل صحي على جسدك.
وأخيرا.. تأكد أن ما تحتاجه من أدوية موجود عندك وكافٍ لفترة الحجر ولو طالت.. حتى لا تتعرض لأوجاع أنت بغنى عنها.
تمنياتي للجميع بصحة طيبة وحياة سعيدة
ختاما: “وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ”البقرة (45)
فالله أكبر من كل شيء
فلذ بحماه ولن يخيبك أبداً.