بعدما تحوّل أغلب الأطباء إلى عباد للنظام الإلكتروني وصاروا مجرد مدخلي بيانات لا أكثر.. انتفت أهم الصفات التي تحكم العلاقة بين الطبيب والمريض وهي الثقة والأمان والرحمة.
لا أكتب ذلك نقلاً عن أحد أو تحاملاً على أحد إنما هي تجارب مؤلمة مع نظامنا الصحي الذي يتطور على المستوى المادي فالمباني مبهرة والأجهزة متطورة والأدوية غالية إلا أن مستوى العنصر البشري كالأطباء والممرضات حتى العاملين لا يرقى لهذا التقدم إلا من أتقى الله في نفسه وتحرى الحلال في ماله.. وأرجو أن يكونوا الأكثر.
ففي النظام تكون أنت كمريض مجرد معلومات تقف بينك وبين الطبيب الذي لا يسمع منك بقدر ما يتابع تاريخك الطبي الذي يتحول بقدرة قادر إلى وصمة تحاسب عليها ولا تتخلص منها مهما اجتهدت وعملت وبذلت جهداً للتعافي منها.
فأنت مريض بالسكري لمجرد أن هناك قراءة منذ سنة، ومريض بالضغط لأنك سجلت قراءة واحدة ضغطك ارتفع بسبب فوضى المؤسسات الصحية بدءا من المركز الصحي حتى المستشفيات وصولا للطوارئ حيث تتساوى فرص الحياة والموت.
وتعامل على أساس تلك القراءات فلابد أن تأخذ أبرا أو حبوبا لتك الوصمة دون أي فرصة للتشافي بعيدا عن التشخيص بالعين المجردة دون الاقتراب منك وكأنك موبوء.. مما أفقدنا الثقة بهم.
رحم الله أياماً كان الطبيب فيها ملاكاً للرحمة يتوجع لوجعك ويبذل جهوداً مخلصة لعلاجك حتى يعجزه القدر،
تلك أيام التي تصدق فيها عبارة
عملنا اللي علينا والباقي على ربنا
فتستسلم للإرادة وأنت مطمئن أن طبيبك لم يدخر وسعاً في علاجك بإخلاص وأمانة.
أما هذا الزمان فأنت تحتمي بتلك الإرادة العليا لتحميك من الأخطاء الطبية والتشخيص المضلل والأطباء الذين يتحركون كربورت يردد أسئلة جوفاء على بعد مترات منك ثم يصف لك كميات من الأدوية ليكمل النظام الفوضوي سمجاته فيضرب لك موعداً يحيا فيه الحي ويموت الميت دون أن يرف لمسؤولي الصحة أي جفن!!
فيعودون موصومين بالفشل في إدارة المنظومة الصحية في البلاد والميدان يشهد..
فإن لم يستفد المواطن استفادة تامة من حقوقه في مجانية العلاج بكل الإمكانيات الضخمة التي قدمتها الحكومة للمواطن.. فهذا هو الفشل الذريع.
ختاما:
إسناد الأمانة مسؤولية وقبولها مسؤولية أكبر.. فهل من مدكر؟