هذه دعوة لكسر النمطية، وقبل أن أشرع في الكتابة دعونا نتوقف قليلا عند تعريف النمطية لنكسرها معا بجهود واعية وموحدة..
فحين نطلق حكما مبنيا على فكرة مسبقة أو ننشر تصورا معينا عن فئة ما، ليلبس مع الوقت صفة العموم على الجميع.. كأن يوصم شعبا كاملا بالكذب أو الغلظة فهذه نمطية.
التي يعرفها علم النفس بأنها حالة يقوم بها المرء بشكل متكرر وفق تقاليد معينة كالشخص العصبي مثلا..
أما في المعجم فهي كل ما يعدّ تطبيقًا لصورة أو نوع تقليدي على طريقةٍ واحدة، لا تغييرَ ولا جديدَ..
فالخلاصة اذا: أن النمطية هي أي تعميم أو فكرة مُتفق عليها بشكل واسع تجاه الأشخاص أو السلوكيات.
وقد تكون تلك الأحكام صحيحة الى حد ما وقد تكون عكس ذلك تماما.
فمن الخطأ بل أجده ظلما أن نحصر جماعة في فكرة معينة ونعمم عليها صفات تلك الفكرة.
فتلك هي قمة التمييز الذي ينتج عنه حرمان تلك الجماعة من حقوقها وتجريدها من صلاحيتها.
لهذا أجد أن الدعوة لكسر تلك النمطيات ملحّة خاصة ما يتحكم في أسلوب حياتنا بشكل مباشر كتصنيف الناس بناء على قوالب مؤثرة وجاهزة دون منحهم فرصة التعامل القريب واكتشاف ماهيتهم الحقيقية.
فنبعدهم ظلما وعدوانا ونخرق بذلك النسيج المجتمعي ونفتّ وحدته.
كما أن للنمطيات الاستهلاكيّة أثرا واضحا في رفع قيمة الأشياء كالاتجاه لشراء سيارة معينة لأنها (سيارة شخصيات مهمة) رغم غلاء ثمنها والاستدانة لشراء السلع الاستهلاكية نمط أيضا يرجع اليه سبب أغلب القروض الشخصية.
فلابد من السفر إلى لندن ولابد من شراء الماركات وغيرها من السلوكيات التي تحولت إلى نمط منتشر بشكل واسع!!
لابد أيها الأعزاء أن نتخذ قرارا واعيا بكسر تلك النمطيات والتحرر منها ولا نترك أنفسنا أسرى لأفكار خاطئة وأحكام متوارثة وان كانت عامة.. فالعموم لا يعني الصحة دائما.
فليس كل ملتزم متشددا ولا كل متواضع بخيلا ولا كل طيب ساذجا ولا كل معاق عاجزا ولا كل فنان منحرفا.
والنمطيات قوائم تطول ينبغي علينا مراجعتها وتصحيح الأفكار والمفاهيم التي تقوم على أساسها.
لتنقية المجتمع والحفاظ على جذوره من سوس التمييز والتحيّز الذي إن لم يعالج نخر وأثر وضرب الإنسانية في مقتل..
ان الانتقال من التفكير النمطي إلى التفكير النقدي الذي يعد الأداة الأقوى في كسر النمطيّة يحتاج إلى استعداد..
فلنبدأ الطريق بخطوة لنورّث اجيالنا القادمة مجتمعا نقيا مستقلا بفكره متحررا من القيود المتوارثة.
◄ ختاما:
إن الوعي الذي يمارسه المفكرون والمثقفون لابد أن يثمر ويجدد الفكر المجتمعي ليتحرر المجتمع حينها من النمطية الظالمة.