منفيات.. غير مذنبات

Loading

وصلتني مؤخراً رسالة إلكترونية من طبيبة معروفة متقنة عملها دمثة أخلاقها متميزة إنجازاتها، متعددة ألقابها.. فهي أشهر من علم لما عُرف عنها من امتياز على كافة المستويات..
رسالتها تنكأ جرحاً عربياً قديماً يصيب النساء في مقتل، حيث تواجه من في عمرها نفياً قاسياً دون ذنب.. فالله عز وجل لم يكتب لها نصيبا في الزواج أو في الأولاد.
فالمرأة مهما حققت وتميّزت وأبدعت مجرد أن تصل الأربعينات وتعبر سنواتها تختصر في لقب واحد يعكس الفئة العمرية التي تعيشها لا غير وهذا تصرف أناني غير منصف.
وحين تصل الخمسينات فأمرها مفروغ منه.. بينما لا يحدث ذلك مع الرجل الذي يعيش المرحلة العمرية ذاتها.. فالرجل ينادى منذ ولادته وحتى الموت بأحب الأسماء أبو فلان وغالباً ما يكون فلان هذا والده أو حبيبا يعز عليه فيحب أن يكنى باسمه.. بينما تنادى المرأة بالحجيّة !.
والغريب أن يناديها رجل في العمر ذاته بهذا اللقب بينما لا يقبل هو أن يناديه الناس بالحجي أو الشايب!!
فلماذا لا تنادى المرأة بأم فلان (اسم والدها) أيضا وإن حرمت من الزواج والأمومة.. ما دام المجتمع مصر على نسف إنجازاتها واختزالها فيما يكدر صفو حياتها وينغص عليها..
والمؤسف هو تنمّر الشباب الصغار الذين فقدوا الحياء بالإساءة إلى النساء في هذا العمر – الذي يعتبر في الدول المتقدمة حضارياً وفكرياً – منتصف العمر وزهوته.
فراحوا ينادون والدتهم بالعجوز والكناية عنها بذلك في أحاديثهم، بينما الوالدة لم تتجاوز منتصف الأربعينات وهذا إجحاف في حقها بخلاف أنه عقوق بها من حيث لا يدرون..
فمتى يتحرر المجتمع العربي من هذه العقدة التي تتمثل في التقليل من شأن النساء واعتبار التقدم في العمر منقصة تسيء لهن؟.
فالمرأة في الغرب سيدة في كل أحوالها ولا تكنى بحالتها الاجتماعية كالعانس أو عمرها البيولوجي كالعجوز.. فهل سعت مراكز التربيّة والتنميّة إلى إعادة صياغة فكر المجتمع حول وجوب احترام المرأة وتقديرها والتعامل معها من خلال إنجازاتها التي تعبت في بنائها لا نفيها خارج حدود المكان والزمان لغرض في نفس رجال معتلين.. غيورين غير قادرين على مجاراتها في مميزاتها المتعددة؟.

ختاماً..
كلما وصلتني معاناة امرأة – صليت على النبي وسلمت عليه تسليماً كثيراً فقد خص المرأة
بوصيته الخالدة قبل أن يلحق بالرفيق الأعلى فقال: “أوصيكم بالنساء خيراً”.. فهل فعلتم؟.