من الظواهر السلبية التي صاحبت ظهور الانترنت في حياتنا ظاهر التسول التي انتقلت من ارض الواقع الحقيقي بعد تضييق الخناق عليها الى فضاء الواقع الافتراضي.
والمتسولون – كما تعلمون- يختلفون ويتفاوتون من حيث التعفف والعزة والكرامة.
فتستشعر حاجة بعضهم دون أن ينبس بكلمة، فتكرمه أشد الكرم.
بينما البعض الآخر يضايقك أشد الضيق فتردعه ردعا قاسيا لعله يتعظ ويتعلم الأدب.
لكن صفاقتهم تزيدك حنقا وغيظا، ولولا صدى الآية الكريمة “وأما السائل فلا تنهر” لكان الرد عليهم مؤسفا يستوجب الندم.
ورغم حبنا للصدقة كواحدة من موجبات الرحمة واتقاء غضب الرب جل وعلا، الا أن الإلحاح المكروه والافتراض الغبي عند بعض المتسولين يجعلنا نرفض التعامل مع أولئك رغم كل الوثائق التي يقدمونها تعزيزا لاحتياجاتهم.
خاصة في بعض المناطق التي اشتهرت قطر وجمعياتها الخيرية بإغداق الخير عليها.
فسكان تلك المناطق يشكون دائما من عدم وصول هذا الخير لهم – وقد كتبنا عن هذه الشكوى مرارا – الا انها ما زالت مستمرة وما زال أهل تلك المناطق يتصدرون قائمة المتسولين.
ناهيك عن خطورة التجاوب مع هذه المطالبات من خلال التحويلات الخارجية التي تدخلك دائرة العمليات المشبوهة كغسل الأموال وتمويل الإرهاب وغيرها من المشكلات التي قد تضعك تحت مجهر البحث والتحري، فتدخل دائرة الاتهام أو التشكيك في نواياك مهما كانت صادقة ونبيلة.
الضيق من ظاهرة التسول الالكترونية يجتاح الانترنت خاصة وسائل التواصل الاجتماعى إلى درجة أن البعض ينصحك باخفاء اسم قطر من ملفك الشخصي حتى لا تقع أسير سمعة غنى البلاد وأهلها فيستهدفوك بسيل من الرسائل الخاصة التي تتسول العطايا والهبات، وكأن كل قطري غني بالضرورة ويمتلك أرصدة لا تنضب من الأموال يغدقها على المتسولين الكترونياً.
فيبقى المرء حائرا بين الابقاء على خاصية الرسائل الخاصة أو إغلاقها ليتقي الريح وما تجلبه من ضرر.
وانا إذ أكتب هذا المقال فلا أقصد الإهانة إنما أقصد احترامنا والتعامل معنا كبشر لا حصالات نقود.
ختاماً
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس على وجهه مزعة لحم”.
أي يأتي يوم القيامة ذليلاً ساقطاً لا وجه له عند الله.