يقول الشاعر الحكيم زهير بن أبي سلمى
ثلاث يَعزُ الصبر عند حلولِها
ويذهلُ عنها عقل كل لبيب
خروجُ اضطرار من بلاد يُحبها
وفُٰرقة إخوان وفقد حبيـب
كلما تأملت هذه الأبيات أخذني الفكر الى حيث المهاجرين منذ بداية الخلق وحتى قيام الساعة وسيدهم محمد بن عبدالله عليه افضل الصلاة وأزكى السلام الذي هاجر من مكة مجبرا وودعها بقوله:
ما أطيبكِ من بلد وأحبَّكِ إليَّ! ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيرك.
قول يلخص مشاعر مضطربة يسودها الحزن والحنين الذي يتفاقم بمجرد بدء الخطوات الأولى خارج الحدود
التي شهدت مولدك وأجمل سنوات عمرك مطمئنا وسط عائلتك.
إلا أن (الظروف) تجبرك على ترك تلك الربوع خلفك دون الالتفات إلى جذورك الممتدة عمقا.
مؤلمة الهجرة حيث تتحول إلى جرح متأزم قابل للنزف يستنزفك حتى تجود بآخر قطرة من سعادتك.
كيف لا وأنت تفارق تلك الأرض وقاطنيها من أهل وصحب وإخوان؟!.
أناس شاطروك أفراح الحياة وأحزانها.. وبعضهم صنع من أجلك السعادة صنعا..
وأودعها بضعا من نفسه.. تاركا في قلبك وسما لا يندثر
كيف لا يعزّ الصبر وكيف لا تعجز عنه
والأقدار تأخذك بعيدا عن احبتك وتننزعك من بينهم نزعا
بل وتذهب ابعد من ذلك فتنتزع لحظاتهم الجميلة ومشاعرهم الحميمة من روحك
ومن تفاصيل حياتك التي ازهرت في حضورهم وأجدبت في غيابهم؟
كيف تصبر؟
بل كيف صبر المهاجرون حول العالم على بحور غادرة وأنظمة متجبرة وشعوب متصارعة
إلا بالاستعانة برب الناس والمقادير فقد قالها مهاجر ذات فاجعة؟.
ما لنا غيرك يالله.
◄ لحظة وداع
بِالرُغمِ منْ رَحيلْ تلكَ الوجوه، تبقىْ بِعقوُلنا وَقلوبِنا.. أشياء لمْ ترحلْ. فكن معنا يالله!.