شعيرة النواقيس

Loading

أكتب مقالي هذا الأسبوع على دقات نواقيس كنيسة قريبة من شقتي في مدينة أوروبية يقصدها الزوار طلباً للاستشفاء.
واليوم الأحد إجازة أسبوعية لأتباع الدين المسيحي ليمارسوا شعائر دينهم، لذلك تدق الكنيسة نواقيسها أكثر من مرة في اليوم في وضع لافت لم نعهده سابقاً في الدول الأوروبية التي تحولت فيها الكنائس إلى مزارات سياحية وآثار تاريخية وإرث إنساني يتشارك الجميع في تقديره واحترامه.
ضجيج النواقيس في مدينة صغيرة حيث تحيط بالكنيسة العمائر السكنية التي تقطنها العائلات بصغارها وشيوخها.. بمرضاها وضعفائها أمر أثار في نفسي التساؤل حول مفهوم الإزعاج الحقيقي، والقرار الغريب الذي اتخذته بعض الدول العربية والإسلامية بغلق ميكروفونات المساجد فلا تنقل الصلوات بحجة الإزعاج.. رغم أن الصلاة في ديننا الإسلامي هي سور قرآنية وذكر وثناء وتمجيد لرب العزة ودعاء خاشع.. أمور تهدأ بها النفوس وتطمئن لها القلوب بشهادة الله سبحانه وتعالى الذي قال في محكم كتابه سورة الرعد: “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” (28).
أما الكنائس ذات النواقيس الحديدية الضخمة والمطارق تدقها بشدة يوميا وبشكل متواصل.. وفي مرات يدق الناقوس مدة تستغرق دقائق طويلة تشعر بها وكأنها الدهر لا ينتهي.. ضوضاء لا تتفق مع أي دين سماوي فالأجراس والنواقيس ذات صوت حاد وقاسٍ وعالٍ جداً يثير الغضب داخل الصدور ويوغرها تجاه مصدرها.
وبحسب علمي أن الأمر جديد.. فلم نكن نسمع هذا الطرق المتواصل في الكنائس، إلا أن أحد المقيمين العرب أخبرني أن الأمر انتظر عقداً من الزمن لإقراره ليتحول إلى شعيرة مزعجة ومنفرة.. حتى وجدت نفسي تلقائيا أخبر الجميع عن شقتي بأنها رائعة ولا يكدر صفوها سوى هذا الإزعاج المتواصل!!
لا أعرف من المسؤول عن هذا القرار تحديداً، لكني أعرف أن هذه الأمور تخضع لنتائج الانتخابات والأحزاب الفائزة والتي تمثل أطيافاً مختلفة وفئات متعددة وتوجهات متفرقة سياسية كانت أو دينية، لذلك قد أعود لنفس المدينة مستقبلا فأجدها وقد استراحت من هذه الضوضاء.. نتيجة تغلب حزب يراها مزعجة ومنفرة كما أراها.
وعليه أتمنى أن يتراجع مسؤولونا عن حجب الصلوات وفتح ميكروفونات المساجد لترسل في الأفق عبق الأمان والاطمئنان في القلوب فتهدأ النفوس وتقل المشاحنات وتأفل البغضاء.
وأنا على يقين أنه لو طرح الأمر للاستفتاء لاختار الشعب اختياري بالإجماع.
فنحن لسنا ملزمين في بلادنا تجاه أي أحد، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بشعائر ديننا.. فلا نجاملهم على حساب راحتنا النفسية، ونقر قانونا يحرمنا لذة العبادة والإنصات لقول رب غفور رحيم خمس مرات في اليوم، أشهد أنه الشفاء من العلل والآفات الصحية والنفسية..
ديننا هذا الدين السماوي الخاتم الذي لا دين سواه والذي عشنا بالقرب من منائر مساجده الصادحة بالتكبير والتهليل والتذكير بعظمة خالقنا ردحا طويلا لم نشك منها إزعاجاً أو تكديراً بل على العكس تماما فإننا نحب جيرة المساجد.. ونعدها من مميزات المنازل بهدف الاستئناس بذكر الله.. لهذا عجبت من قرار مضى في إسكات الميكروفونات في المساجد بينما فتحت في المولات والحدائق لتزعجنا طوال وجودنا فيها.
ينبغي علينا أن نعلي شأن ديننا فلسنا ملزمين تجاه أحد فها هم يمارسون رفع شعيرتهم بكل حرية غير آبهين بالمرضى الذين يقصدون المدينة بحثا عن العلاج والسكينة فيضخون الأموال الطائلة في اقتصادها.
افتحوا ميكروفونات المساجد ليحفظ صغارنا دينهم ويحترم كبارنا شعائره
اللهم هل بلغت.. اللهم فاشهد..
ختاما..
«وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ» {البقرة:120}.