العام المبارك

Loading

اليوم يستهل عباد الله على أرض الله الواسعة صيام شهرهم الكريم رمضان العائد بعد غياب أحد عشر شهرا أوصل الشوق مداه وحده الأقصى لما يمثله من شلال نور ورحمة تغتسل فيه أرواحنا فلا يبقى من أحزانها شيئ..

وليس خافيا على أحد عظمة الشهر وقداسته ففيه يؤدي المسلمون فريضة الصوم العظيمة التي اختصها الله بجزاء مطلق من لدنه الكريم..
متى ماكان الصوم إيماناً واحتساباً تصوم فيه الحواس والجوارح عن اللذات والشهوات طلبا لذلك الأجر العظيم..
فمن كان يظن أن الصوم هو الامتناع عن الطعام والشراب من الفجر حتى المغرب ويحسب الدقائق والساعات ويقارن بين الدول والقارات في الأطول صياما والأقصر.. فعليه أن يراجع نفسه ويصحح مفاهيمه..
إن الصوم في مفهومه الواسع – والذي يمثل الامتناع عن الطعام والشراب جزء بسيط منه هو الجزء الحسي الذي شرعه الله للإحساس بمعاناة الفقراء والمساكين- يتجاوز إلى الجزء الروحي والنفسي حيث يعتبر الصوم مدرسة أخلاقية هامة ترتقي بالإنسان وتهذبه..
ومن مر به رمضان ولم يغيره للأفضل فعليه أن يعيد حساباته
في رأيي أن صوم اللسان عن أمراض الكلام باختيار الصمت في أغلب الأحيان استجابة للوصية النبوية الخالدة: قل خيرا أو فاصمت ذروة مقاصد الصوم وغاية رمضان..
نظرا للأثار المدمرة للكذب والنميمة والغيبة والجدال وغيرها من أمراض ابتلينا بها ونسأل الله السلامة منها والنجاة من مخاطرها..
كما أن الدربة على الصبر والتأمل مقصد آخر من مقاصد الصوم وما رمضان إلا موسما لاكتمالها في نفوسنا وتمكنها من أرواحنا.. إن جوهر رمضان الحقيقي متعلق بالروح أكثر من الجسد وبالجوهر أكثر من المظهر وان كان أحدهما لايغني عن الآخر إلا أنه من الخطأ قصر رمضان على الصوم الحسي بالامتناع عن الطعام والشراب فقط.. علينا كمسلمين تحديث الرؤية وتجديد العهد مع رمضان وتحويل الفرحة العارمة في استقباله إلى جدول عمل شامل يعيد صياغتنا، فالأيام الثلاثون فترة كافية لإحداث هذه النقلة النوعية في حياتنا ليبدأ بعدها عام مبارك ثري بالقيم والعادات الحسنة..
فشمروا عن سواعدكم وأعملوا فان الله ورسوله والمؤمنين شهود حق على ما تعملون..
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال والأقوال وكل عام وأنتم في فضل من الله وزيادة..
ختاما..
على الصعيد الشخصي متفائلة جداً بهذا العام من عمري الذي استهل يومه الأول مواكباً لرمضان الكريم..
ففي ذكرى ميلادي التي تصادف اليوم أسأل الله لي ولكم الجنة من غير حساب ولا سابقة عذاب.